الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

(فصل): [في العلة الطردية]

صفحة 462 - الجزء 2

(فصل): [في العلة الطردية]

  (و) العلة (الطردية: وصف ليس بمؤثر ولا مناسب ولا موهم للمناسبة) فخرج بقوله ليس بمؤثر المؤثرة، ولا مناسب المناسبة، وبقوله: ولا موهم الشبهية، وهذا بالمعنى الأخص على ما قاله الرصاص، وبالمعنى الأعم ملازمة الحكم للعلة بمعنى أنه يثبت الحكم حيث تثبت العلة على زعم من علل بها، وإلا فالوصف المعلل به لا يسمى علة فضلاً عن أن يقال: الحكم يثبت حيث تثبت العلة، هكذا قاله الدواري.

  والوصف الطردي (كقولهم في منع إزالة النجاسة بالخل مائع لا تبنى القنطرة على جنسه فلم يرفع النجاسة كالزيت) ولا خفاء أنه لم يسبق ما يعود إليه الضمير في قوله كقولهم لا لفظاً ولا معنى ولا حكماً.

  فالمانعون لإزالة النجاسة بالخل هم أصحابنا والشافعي.

  والحنفية يذهبون إلى أنه هو وما أشبهه من المائعات التي لا دهن فيها يزال به النجس، ولا خلاف أن إزالة النجاسة بالدهن من الزيت وغيره لا يصح.

  وذهب أبو يوسف إلى أن المائعات التي لها حدة تزيل النجاسة من الثياب دون البدن، فلو علل معلل من أصحابنا المنع من إزالة النجاسة بالخل بما ذكر لكان التعليل به معيباً مطرحاً، وإن كان هذا الوصف مطرداً في الخل؛ إذ كل خلٍ لا تنبنى عليه القنطرة ولا الزيت وغيرهما، والقنطرة طريق يوضع في الماء على أبنية أصلها في قرار الماء ثُمَّ يرفع عقوداً حتَّى يقارب الظهور على الماء، ثُمَّ يكنس بالتراب وغيره فيكون مجازاً وطريقاً للناس والحيوانات.

  (و) كقولهم (في كون مس الذكر لا ينقض الوضوء طويل مجوف لا ينقض الوضوء بلمسه كقصبة اليراع ونحو ذلك) كقولهم في مس الذكر معلق منكوس كالدبوس فلا ينتقض الوضوء بمسه، وفي كون القيء لا ينقض الوضوء خارج من الفم لزج فلا ينقض الوضوء كالنخامة، وفي كون السعي لا يجب مشي بين جبلين كالمشي بين جبلي نيسابور، ولا حاجة بنا إلى إكثار الأمثلة فيما لا طائل تحته، وفيما ذكرناه كفاية في الإشارة إلى مثل هذه الركاكات كالتي لا يكون معتمداً لشيء من أحكام الشريعة، وإنما يجري التعليل بالطرد في أكثر كلام المتفقهة الذين عجزوا عن إدراك حقائق الأشباه الحاصلة وبعدوا عن ملاحظة المعاني المختلة المسفرة بالأحكام الشرعية، (ويسمى) الطردي (إلغاء المناط، وتعطيل المناط، والطرد المهجور)، لإلغاء العلة وتعطيلها وهجرها عن العمل.