(فصل): [في مفسدات العلة]
  [٤] (أو) قولهم (يدل على صحتها سلامتها عن علة تعارضها) وهذا فاسد؛ لأنه ليس بأن يقال: عدم الدلالة على فسادها دلالة على صحَّتها أولى من أن يقال عدم الدلالة على صحتها دليل على فسادها، وأيضاً فلو سلمنا سلامتها عن المعارض المعين فمن أين لنا سلامتها عن كل المعارضات، سلمنا فليس بدليل كما قررناه.
  [٥] (أو) قولهم الدليل على صحتها (مجاورتها للحكم دون غيرها) وقد ذكر هذا بعض من تكلم في أصول الفقه، وليس بصحيح؛ لأنه إن كان الحكم المجاور للوصف حاصلاً عنده، وإن فقد الوصف الآخر مرتفعاً عند ارتفاعه، وإن حصل الوصف الآخر فهذا رجوع إلى أن الحكم قد يثبت بثبوت الوصف وينتفي بانتفائه، وإن أريد أن الحكم قد يتجدد عند تجدد أحد الوصفين، ولا بد أن يتقدم الوصف الآخر فإن ذلك لا يدل على أن الوصف المجاور هو العلة وحده؛ إذ لم يكن حصوله وحده كالرجم المتجدد استحقاقه عند تجدد الزنا ليس يكفي فيه الزنا إلا بعد تقدم الإحصان فوجب اعتبارهما، وإن كان الإحصان شرطاً لا علة.
  فإن قال: فلم خصص الزنا بأنه علة.
  قلنا: لأن استحقاق الرجم لا يتعلق في الأصل إلا على ما هو ذنب والإحصان ليس كذلك.
  [٦] (أو) قولهم الدليل على صحتها (كونها مسلمة بين الخصمين) وهذا طريق فاسد لجواز فسادها بشيء لم يطلع عليه الخصمان.
(فصل): [في مفسدات العلة]
  اعلم أن الشيخ أبا إسحاق الشيرازي وغيره من العلماء أوردوا الأمور المفسدة للعلة وعددوها تعديداً من غير إشارة منهم إلى ما يفسدها قطعاً، وإلى ما يفسدها ظناً واجتهاداً، والمصنف أخذ في بيان ما يفسدها قطعاً ثُمَّ ظناً وهو اقتداء بالإمام والغزالي فقال:
  (ومفسدات العلة: قطعية وظنية):
  (فالقطعية: قد تكون من جهة الأصل) وقد يكون من جهة الفرع، وقد تكون من جهة طريق العلة، ومن جهة وضع القياس وأصله.