الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

(فصل): [في الجدل وآدابه]

صفحة 477 - الجزء 2

  فتارة يكون من جهة السائل: بأن يعجز عن إبانة سؤاله، وعن تقدير وجه دلالة دليله، وغير ذلك مما يجب عليه الإتيان به.

  وتارة يكون من جهة المسئول: وذلك بأن يعجز عن الإجابة على الاعتراض، أو يعجز عن رد المعارضة، أو عن الجواب عن النقض، فهذه كلها تعد عجزاً وتكون انقطاعاً لا محالة بين النظار من أرباب الجدال من الأصولين.

  وعلامات الانقطاع ثلاث:

  منها: أن يسكت عن الكلام فيما هو بصدده من غير عذر ولا عارض يعذر به.

  ومنها: أن يقطع كلامه بإيراد حديث لا تعلق له بالمسألة.

  ومنها: أن يظهر غضبه، ويطول لسانه بالأذية لخصمه، فهذه كلها أمارة الانقطاع.

[الإعتراضات الواردة على قياس العلة]

  (والاعتراضات الواردة على قياس العلة) فأمَّا الواردة على الاستدلال بالأدلة الأصولية كالكتاب والسنة والإجماع وخبر الواحد فليس من همه ذكرها لطول الكلام فيها ولتشعبه، وقد أطنب الشيخ أبو إسحاق الشيرازي في كتابه الملخص في ذكر الاعتراضات على الأدلة كلها، وقد نذكر في كتابنا شيئاً من ذلك أدراعاً لها في تلك لكونها قليلة بالنسبة إليها.

  إذا عرفت ذلك فالاعتراضات الواردة عليه (ترجع إلى منع) أي منع كون العلة ما ذكره القائس، أو منع وجودها في الأصل، أو في الفرع، أو منع كون الحكم ما ذكره، (أو معارضة) بعلة أخرى يبرزها المعترض، (وإلا) يرجع إلى هذين النوعين (لم يسمع)، وذلك لأن غرض المستدل الإلزام بإثبات ما ادعاه بدليله، وغرض المعترض عدم الالتزام بمنع المستدل عن إثبات مدعاة بدليله، والإثبات بدليله يكون لصحة مقدماته لتصلح الشهادة وسلامته عن المعارض لتنفذ شهادته فيترتب عليه الحكم، والدفع يكون بهدم شهادة الدليل أو نفاذها، فهدم شهادة الدليل بالقدح في صحته بمنع مقدمة من مقدماته يطلب الدليل عليها، وهدم نفاذ شهادته المعارضة بما يقاومها ويمنع ثبوت حكمها لها لا يكون من القبيلين، فلا تعلق له بمقصود الاعتراض، فلا يسمع ولا يعول عليه ولا يشتغل بالجواب عنه.

  واعلم: أن المقدمة قد تمنع تفصيلاً، وذلك واضح، وقد تمنع إجمالاً، وطريقه أن يقال: