الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

(فصل): [في الجدل وآدابه]

صفحة 489 - الجزء 2

[القول بالموجب]

  (الرابع) من الاعتراضات: (القول بالموجب) وهو لا يخص القياس، بل يجري في كل دليل إلا أن المصنف أراد تعريف ما يقع في القياس خاصة، فقال:

  (وهو تسليم) مقتضى (ما جعله المستدل علة مع بقاء النزاع في الحكم) بأن يتخيل المستدل أن ما ذكره من القياس مستلزم لحكم المسألة المتنازعة فيها مع أنه غير مستلزم له، فلا يقطع النزاع بتسليمه، وإذا أردت تعريفه بما يعم كل دليل.

  قلت: هو عبارة عن تسليم مقتضى ما جعله المستدل دليلاً لحكم مع بقاء الخلاف بينهما في ذلك، وهذا (كما إذا اسْتَدل) أبو حنيفة (على وجوب الزكاة في الخيل) التي لغير التجارة (بأنها حيوان يتسابق عليه فيجب فيه الزكاة كالإبل فيقال) نقول بذلك من جانب المعترض كأئمتنا والشافعي (بموجب العلة) وهو أنه يجوز المسابقة عليه فيجب فيه الزكاة لكن فيما كان للتجارة ولذلك نقول بذلك (مع منع وجوب الزكاة فيها) ألا ترى أن أبا حنيفة في المثال يريد زكاة العين والمعترض يريد زكاة التجارة، ولهذا أقر بموجبها، وكان باقياً على خلافِه مصراً عليه، واختلف في القول بالموجب هل يكون مفسداً للعلة ومبطلاً لها:

  فقيل: ليس بمبطل للعلة ولا يلحقها فساد لأجله؛ لأن العلة إذا جرت وحقيقتها متنازع فيها فلأن تكون جارية وحقيقتها متفق عليه أولى وأحق.

  (والمختار وفاقاً للمحققين أنه اعتراض صحيح مبطل للعلة لانقطاع المتمسك بها في محل النزاع) فإنه أبداها محتجاً بها وهو يروم إثبات المتنازع فيه، وقد ظهر أن الأمر على خلاف ما قدر.

  وجوابه: (بأن موجبها محل النزاع) مثاله أن نقول: لا يجوز قتل المسلم بالذمي قياساً على الحربي، فنقول: نعم ولكنه يجب فإنه لا يجوز نفي الإباحة لا نفي الوجوب، فيجيب: بأن المعنى بعدم الجواز هو الحرمة.