الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

(فصل): [في الجدل وآدابه]

صفحة 490 - الجزء 2

[النقض والكسر]

  (الخامس) من اعتراضات القياس: (النقض وهو وجود العلة في محل مع تخلف حكمها) عنها (منصوصة كانت أو مستنبطة وقد تقدم) الكلام عليه (مفصلاً) في تخصيص العلة، فلا حاجة بنا إلى إعادته.

  (السادس) من اعتراضات القياس: (الكسر: وهو تأخر حكم العلة عنها في فرع يقوم فيه معنى لا لفظاً) لأن لفظ العلة المجموع كصوم مفروض في المثال الآتي، وقد قامت العلة في الفرع معنى وهو مفروض لا لفظاً؛ لأنها في اللفظ مجموعها وقيامها (عند المعترض) وذلك يكون (بأن يرفع وصفاً من أوصافها) كصوم في المثال الآتي (لظنه أن لا تأثير له في حكمها، وأن المؤثر) في الحكم (ما عداه) ثُمَّ ينقض ما عداه (أو يبدله) أي الوصف الذي من أوصافها (بوصف في معناه) كمنع البدل بمعقود عليه (ثُمَّ يكسر العلة بعدهما) أي بعد الرفع والبدل.

  (فالأول) وهو رفع الوصف المسقط من العلة زعماً منه أنه لا تأثير له (نحو أن يستدل) الشافعي (على وجوب تعيين النية في أنه صوم من رمضان بأنه صوم مفروض فافتقر إلى تعيينها) أي النية (كالقضاء) والكفارات والنذور المطلقة، فإنه يجب تعيين أنها قضاء وكفارات ونذور (فيظن المعترض أنه لا تأثير لصوم في ثبوت الحكم وأن المؤثر ما عداه فلا نعتبره، ثُمَّ يكسرها بالحجج فإنه لا يجب فيه التغيير) فإنه لو أهل بإهلال زيدٍ وهو لا يعلمه أجزاه.

  (والثاني) وهو أن يبدل وصفاً من أوصافها أنه لا تأثير له (نحو أن يستدل) الشافعي (على بيع ما لم يره المشتري بأنه مبيع مجهول الصفة عند العاقد حالة العقد فلا يصح) البيع كما لو قال بعتك يوماً (فيظن المعترض أنه لا تأثير لممتنع في الحكم فيبدله بمعقود عليه) أي لفظه (ثُمَّ يكسرها بنكاح من لم يره الناكح فهو صحيح مع أنها مجهولة الصفة) فهذا يكون كسراً من جهة المعنى؛ لأن النكاح في معنى البيع لأمرين، الأول: أن المعاوضة داخلة تحته في كل واحد منهما، الثاني: أن الجهالة قد تكون مؤثرة فيهما، ألا ترى أن الجهالة تعيين المعقود عليه فيهما يكون مؤثرة في الفساد فيهما لا محالة.

  (وجوابه: ببيان تأثير ما رفع) في الأوَّل كلفظ مفروض (أو أبدل) كلفظ متبع (و) الكسر (لم يعده بعض الخراسانيين في الاعتراضات) لأنه لا يمكن الاعتراض به إلا بتغيير العلة، أمَّا بإسقاط وصفٍ من أوصاف العلة، وأمَّا يتغير بعض ألفاظها، وهذا لازم للمعلل؛ لأن الاعتراض، إنما يرد على علة