مسألة: [في معنى الإجتهاد]
الباب الرابع عشر باب الاجتهاد والتقليد وصفه المفتي والمستفتي
مسألة: [في معنى الإجتهاد]
  أمَّا (الاجتهاد) فهو (لغة: بذل الوسع) أي استفراغ تمام الطاقة بحيث يحس من نفسه العجز عن المزيد عليه، وذلك (في تحصيل ما فيه مشقة) يقال: اجتهد في حمل الصخرة، ولا يقال: اجتهد في حمل النواة وهو مأخوذ من الجهد - بضم الجيم وفتحها - وهو الطاقة.
  (واختلف فيه اصطلاحاً، فعند الأكثر أنه بذل الوسع في تحصيل ظنّ) سواء كان مستنداً إلى نص أو ظاهر أو قياس له أصل معين أو لا، فأمَّا القواطع فلا يسمى ما حصل عنها اجتهاداً، [كمسائل أصول الدين، ولو فرعية كمسألة الشفاعة، وبعض مسائل أصول الفقه، وبعض مسائل الفقه أيضاً](١).
  وقوله: (بحكم شرعي) خرج العقلي واللغوي والعرفي، كأحكام الجواهر والأعراض.
  وقوله: (فرعي) خرج ما كان من الأحكام الشرعية الأصولية الظنية، كما تقدم في قوله وهي قطعية وظنية، [ولكن يرد عليه أن بعض مسائل أصول الفقه قد يكون فرعياً ظنياً، ككون العموم ظنياً مطلقاً، أو بعد تخصيصه على قول، فإنه فرع على ثبوت ألفاظ العموم في اللغة](٢)، ومثل ذلك لا يسمى اجتهاداً.
  وقال (المنصور) بالله (وبعض المعتزلة): الاجتهاد (بذل الوسع في تحصيل حكم شرعي فرعي لا من قبل النصوص والظواهر، فيشمل ما أصله معين وهو القياس، وما لا أصل له معين كقيم المتلفات) وأروش الجنايات ونفقة الزوجات، فإن الإجماع وإن انعقد على أن في المتلفات عوضاً وفي الجنايات غرامَة وللزوجات نفقة على سبيل الجملة، فإنما يتوصل إلى معرفة ذلك باستفراغ
(١) ما بين القوسين في النسخة الأصلية، والذي في النسخة (أ) في هذا الموضع ما لفظه:
كبعض مسائل أصول الفقه وغيرها.
(٢) ما بين القوسين في النسخة الأصلية، والذي في النسخة (أ) في هذا الموضع ما لفظه:
ولكن يبقى عليه بعض مسائل أصول الفقه، كمسألة هل العموم بعد تخصيصه حقيقة أم مجاز، وكمسألة العموم عند من قال إنه ظني، فإن الأولى والثانية فرع على أن في اللغة ألفاظاً للعموم، وكذلك غيرها من مسائل أصول الفقه، وغيره مما يكتفى فيه بالظن وهو فرع على غيره.