الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

(فصل): [في التعبد بالإجتهاد في حياة النبي ÷]

صفحة 520 - الجزء 2

  قلنا: يلزم ما قدمنا من وجوب اتباعه في الخطأ، وإنه باطل.

(فصل): [في التعبد بالإجتهاد في حياة النبي ÷]

  (واختلف في التعبد به) أي الاجتهاد (في حياته ÷) هل هو جائز عقلاً واقع شرعاً في حق الغائب والحاضر أو لا؟، وهل يشترط تضييق الحادثة في الغائب والأذن فيهما أو لا؟، فهذان مقامان:

  المقام الأول: في حق الغائب، (والمختار وفاقاً للجمهور) من العلماء، (أن تعبد المعاصِر) الذي في عصره ÷ (الغائب) عن حضرته ÷ (جائز عقلاً، واقع شرعاً) ظناً.

  (ومنعه الأقلون) كأبي علي وأبي هاشم (عقلاً وشرعاً مطلقاً) سواء تضيق وقت الحادثة أولا، مع الأذن وعدمه.

  (وقيل): يجوز الإجتهاد (إن تضيق وقت الحادثة) لا إذا لم يتضيق فلا يجوز.

  (وقيل): يجوز (للولاة بأذن) من النبي ÷ (خاص) يدل على الجواز.

  (وتوقف قوم) في الجواز وعدمه.

  لنا: لو لم يجز لم يقع وقد وقع كخبر معاذ الشهير فإنه صلى الله عليه قرره حين قال: أجتهد رأيي، وخبر أبي موسى وهو قوله ÷ حين وجهه إلى اليمن «اجتهد رأيك»، وكخبر عمرو بن العاص وهو ما روى عنه أنه قال: كنت في غزوة ذات السلاسل في ليلة باردة فأشفقت على نفسي إن اغتسلت بالماء هلكت، فتيممت، وصليت بأصحابي صلاة الصبح، فذكرت لرسول الله ÷ وآله فقال: يا عمرو أصليت بأصحابك وأنت جنب؟ فقلت: سمعت الله يقول {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ٢٩}⁣[النساء: ٢٩]، فضحك ولم يقل شيئاً.

  قالوا: قادرون على العلم بالرجوع إلى الرسول، والقدرة على العلم تمنع الاجتهاد المفروض، الذي غايته الظن، والقادر على اليقين يحرم عليه الظن.

  قلنا: لا نسلم أن القدرة تمنع الاجتهاد؛ إذ المفروض أنه قد ثبت الخيرة بين العلم والاجتهاد بالدليل الماضي فإنه يدل على أن معاذ كان مخيراً بين أن يرجع فيعلم وأن يجتهد فيحكم، ولو