(فصل): في بيان هل كل مجتهد مصيب أو لا؟، وعلى الأول هل في المسألة أشبه أو لا؟.
  قيل: ولعله يقال أن هذا خاص في الإمام والحاكم، إن كمل موجب ذلك الحكم لا غيرهما، فليس لمن سمع شهادة شاهدين على رجل بالردة أو بالزنا أن يعتقد كفره ولا فسقه.
  قال شيخنا عز الإسلام حفظه الله: وأنت خبير بأنا لم نقل بجواز الاعتقاد للكفر أو الفسق، وليس محل النزاع فيهما، وإنما كلامنا في إجراء ما يترتب عليهما من الأحكام، من دون اعتقاد، وكذا ليس للإمام اعتقاد مثل ذلك قطعاً، بل استناده إلى الظاهر، ولذا قال صلى الله عليه في المحدود في الخمر لما سمع من سبَّه «لا تكونوا أعواناً للشيطان عليه»، أخرجه البخاري عن أبي هريرة مرفوعاً في حديث الذي أتى به إلى النبي ÷ وهو سكران فقال رجل: اللهم العنه.
  نعم، وإنما عمل بالآحادي في الحدود لما سبق؛ ولأن الإمام قد بلغه ما يتعين عليه به إقامَة الحد، وقد حدد الشرع لذلك حدوداً، فإذا حصل موجب ذلك بكمال شروطه كان ذلك الفاعل مستوجباً للحد، فيقام عليه، وإن لم يحصل لنحو الإمام يقين في ذلك، بل لو انكشف الخطأ، ولا يجوز مع هذا اعتقاد كفر أو فسق؛ إذ لا نسلم أنه يجب إقامة الحدود للنكال والإهانة، بل على وجه يصدر الحد منه في الظاهر، على وجه الكراهة والإستحقاق، لا على وجه المدح ونحوه مما يدل على الرضا عنه، فأما اعتقاد فسقه فليس بشرط.
  قال شيخنا: وإن سلم إقامته على وجه الإستحقاق فبالنسبة إلى الظاهر، ولذا قال تعالى {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ٢}[النور: ٢]، و {نَكَالًا مِنَ اللَّهِ}[المائدة: ٣٨]، ونحو ذلك، ويكون له في ذلك عوض من الله إن كان مخالفاً للباطن، كالآلام مع الإنزجار، والاعتبار للغير وكما يقام الحد على التائب، وقد أقام النبي ÷ الحد على البعض، وقال: «والله لقد تاب توبة لو تابها صاحب مكس لكفته»، وكذلك ما يتبع ذلك من سائر أحكام المعاملة لمثل من هو كذلك، ثُمَّ قال: وقد يكون الحد مع رعاية التعظيم، وإنما يقتضيه الزجر للغير، وذلك بعد التوبة كما تقدم.
(فصل): في بيان هل كل مجتهد مصيب أو لا؟، وعلى الأول هل في المسألة أشبه أو لا؟.
  (واختلف في المسائل الشرعية الظنية، فقيل: لله تعالى فيها حكم معين) من وجوب أو ندوب أو كراهة أو إباحة وحظر وذلك الحكم المعين (قبل الاجتهاد فالحق فيها واحد وهو قول الناصر)