(فصل): هل للمفتي أن يفتي بالحكاية عن غيره أو لا؟
  (و) الفاسق المتأول (يلزمه أن يعمل لنفسه باجتهاده) إجماعاً؛ لأن الله لم يكلفه إلا بظنه، ولم يكلفه باتباع ظنون المجتهدين بحيث إذا عدل إلى قول العدل كان غاصباً، وقد قدمنا في هذا كلاماً في باب الأخبار فعليك بالاستظلال تحت قبابه.
  (والخلاف في قبول فتوى الكافر المتأول) وخبره (كذلك) أي كالخلاف في قبول الفاسق المتأول.
(فصل): هل للمفتي أن يفتي بالحكاية عن غيره أو لا؟
  في ذلك تفصيل قد شمله الفصل: وهو أنَّ السائل إن أطلق السؤال، وكان المعهود بالعرف هو السؤال عن قول غيره، فإنه لا يفتي إلا به سيما حيث السائل ممن له طرف تمييز، (و) إلا يكن العرف كذلك، أو قدر فسأله عما عنده، فإنه (لا يفتي المجتهد إلا باجتهاده دون اجتهاد غيره من حي أو ميت)، أو سأله المستفتي عما عنده، فالجواب بغيره غير مطابق للسؤال، ومن حقه المطابقة.
  نعم، وقد قيل: إنه ينبغي أن العامي المميز إذا سئل، والقصد عما يدين به ويختاره لنفسه، فإنه يكون بمثابة المجتهد فيفتيه بمذهب إمامه، (إلا أن يسأل الحكاية عنه)، أي عن اجتهاده غيره، جاز أن يفتي بمذهب غيره، بل لم يتجه غيرها ليطابق السؤال الجواب.
  (و) المجتهد (إذا لم يتقدم له اجتهاد في الحادثة وجب عليه الاجتهاد فيها قبل الفتيا اتفاقاً).
  قلت والله الهادي: ولقائل أن يمنع الوفاق لخلاف مؤيس بن عمران السابق عن قريب من أن للمجتهد أن يحكم بما شاء.
  (وإن تقدم) الاجتهاد (ولم يذكره)، بأن ذهل عنه (فكذلك) يجب عليه الاجتهاد، (وإن ذكره لم يجب عليه تجديده، خلافاً للشهرستاني) فزعم أنه يلزم الاجتهاد مرة أخرى.
  لنا: أنه قد اجتهد مرة وطلب ما يحتاج إليه في تلك المسألة، فإنه وإن نفى احتمال أن يوجد غير ذلك لم يطلع عليه هو، لكن الأصل عدم أمرٍ آخر.
  احتج: بأنه يحتمل أن يتغير اجتهاده كما نراه كثيراً، ومع الاحتمال فلا بقاء للظن، فينبغي أن يجتهد فيرى هل يتغير أو لا، فإذا لم يتغير استمر ظنه.
  قلنا: لو كان السبب في وجوب تكراره احتمال تغير الاجتهاد لوجب أبداً؛ لأن التغير محتمل أبداً، ولم يتقيد بوقت تكرار الواقعة، وذلك باطل بالاتفاق، إذا عرفت ذلك فلا يلزمه بهذه الحالة