(فصل): في بيان حكم المستفتي إذا لم يجد مفتيا أو وجده
(فصل): في بيان حكم المستفتي إذا لم يجد مفتياً أو وجده
  وقد أشار إلى ذلك بقوله: (والمستفتي إمَّا أن يجد مفتياً في بلده أو لا) يجد، وفي الحواشي: والمراد بالبلد: البلد وبريده على ماهو مقتضى شرح الزيادات، (إن لم يجد وجب عليه الخروج في طلبه حتَّى يجده) لقوله تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ} وهو يقتضي وجوب سؤالهم سواء كانوا في البلد أو لا.
  (وإن وجد: فأمَّا أن يجد واحداً أو أكثر) من واحد:
  (إن وجد واحداً تعين عليه العمل بقوله، ويسقط عه الخروج) في طلبه، (عند المؤيد) بالله (والحاكم والجويني) لأن فرضه سؤال العلماء، وقد وجدهم.
  واختلف في كلام المؤيد بالله: فقيل: إنه على ظاهره، وقيل: بل مراده إذا تضيقت الحادثة، فأمَّا مع عدم التضيق فلا.
  (والأظهر من كلام غيرهم رجوعه إلى الأكمل حيث كان)، لأن أقوال المجتهدين بالنسبة إلى المقلد كالأدلة بالنسبة إلى المجتهد، إذا تعارضت لا يصار إليها تحكماً.
  قال الإمام الحسن - ما معناه -: والأقرب أن اعتبار الأكملية إنما هو في علماء بلدته وبريدها فقط، حيث لم يشعر بقول الأكمل من غيرهم وقت الحاجة إلى العمل، وقد ذكره بعضهم.
  إذا عرفت ذلك فيجب الرجوع إليه، بل لا بد من الترجيح وما هو إلا يكون قائله أكمل اتفاقاً، فيجب طلبه لمقلده.
  (وإن وَجَدَ أكثر: فإمَّا أن يتفقوا في الفتيا أو يختلفوا):
  (إن اتفقوا وجب اتباعهم) لأنهم إن كانوا كل المجتهدين من الأمة فللإجماع، وإن كان غيرهم مجتهداً ولم يكونوا كل أهل الإجماع فلأنه لا طريق له في الحادثة إلا قولهم.
  قال (أئمتنا والجمهور) من العلماء: (وإن اختلفوا: فأمَّا أن يتفاوتوا عنده في الفصل، وهو زيادة العلم والورع، أو يستووا):
  (إن تفاوتوا وكان التفاوت) حاصلاً (في مجموعهما) أي العلم والورع (اتبع الأعلمَ الأورعَ) سواء كان طريق التفاوت علماً إمَّا بالتواتر وإمَّا بالخبرة، أو ظناً بالقرائن التي يحصل بها أنها أكثر ثقة لزيادته في هذه الحالة فيما يعين على الإجتهاد ويقوى الظن بصحته فتواه، ومثل هذا النظر لا يخفى على العوام؛ لأنه كتدبير الدنيا.