الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

(فصل): في ذكر بعض ممن اختلف في جواز تقليده

صفحة 568 - الجزء 2

(فصل): في ذكر بعض ممن اختلف في جواز تقليده

  وقد أشار إلى ذلك بقوله: (واختلف في تقليد الميت): قال الأسنوي: وفي الإفتاء بقوله أيضاً خلاف يبتني على جواز تقليده:

  (فمنعه بعض علمائنا) كالإمام أبي طالب في المجزي، والفقيه عماد الدين وابن زيد، (وبعض الأصوليين) كالرازي، (وجوزه الجمهور) من العلماء منهم الإمام المؤيد والإمام والشيخ والحفيد وأبو الحسين والبيضاوي (وادعى كل من الفريقين الإجماع على قوله):

  أمَّا الأولون فقالوا: الدليل على أن الميت لا قول له انعقاد الإجماع على خلافه، ولو كان له قول لم ينعقد كما لا ينعقد على خلاف قول الحي، وإذا لم يكن له قول لم يجز تقليده، ولا الإفتاء بما ينسب إليه، فصار انعقاد الإجماع على خلاف قوله كالإجماع على أنه لا يعتبر.

  قال الرازي: وإنما صنفت كتب الفقه مع فناء أربابها لاستفادة طرق الاجتهاد من تصرفهم في الحوادث، وكيفية بناء بعضها على بعض، ومعرفة المتفق عليه من المختلف فيه.

  [وأجيب: بأنا لا نسلم عدم انعقاده حينئذ فإن المسألة خلافية، ولو سلم فلإجماع الأمة الموجودين ضمناً على بطلانه، ثم ولا يلزم من بطلان قوله في صورة لدلالة حاصلة بطلانه في كل صورة من غير جامع]⁣(⁣١).

  وأمَّا الجمهور فقالوا: انعقد الإجماع في زماننا على جواز العمل بهذا النوع من الفتوى؛ لأنه ليس في هذا الزمان مجتهد والإجماع حجَّة، هكذا ذكره الرازي والبيضاوي، وهو دليل ضعيف؛ لأن الإجماع إنما يعتبر من المجتهدين، فإذا لم يوجد مجتهد في هذا الزمان لم يعتبر إجماع أهله.

  وأيضاً: فبناء على أصلٍ فاسد وهو جواز خلو الزمان من مجتهد.

  وأيضاً: فلا نسلم انعدام المجتهدين.

  قال الآسنوي: والأولى في الاستدلال أن يقال: لو لم يجز ذلك لأدَّى إلى فساد أحوال الناس وتضررهم، ولو بطل قول القائل بموته لم يعتبر شيء من أقواله كروايته وشهادته ووصاياه، وما


(١) ما بين القوسين ساقط من الأصلية، ومصحح في هامش النسخة (أ).