(فصل): في بيان من تقليده أولى
[ترجيح تقليد أهل البيت على الفقهاء]
  (وتنزههم عما روي عن غيرهم كالفقهاء الأربعة) أبي حنيفة والشافعي ومالك وأحمد بن حنبل، (من نحو إيجاب القدرة) لمقدورها، فإنه روي عن أبي حنيفة وذلك يستلزم الجبر، قال الإمام: وهو لعمري طريق وهي الحكمة وتهدم قواعدها وقد أنكرها فريق من أصحابه لعظم موقعها، قال: وحكي عنه أيضاً التعويل على القياس واطراح الأخبار، وهذا نظر لا يليق أن يساوي منصب الشارع منصب القياس، قال: وحكي عنه أيضاً بطلان القصاص بالمثقل، وهذا نظر فيه ما ترى من إهدار الدماء وبطلان صيانتها، وهو معلوم من جهة الشرع تحريمها وإليه الإشارة بقوله: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ}[البقرة: ١٧٨]، والمثقل يهدم هذه القواعد، فهذه الأمور الثلاثة لا يخفى عليك انحرافها عن المنهج القوي والصراط السوي. انتهى.
  (وقتل ثلث الأمَّة لإصلاح ثلثيها) وهذا مروي عن مالك.
  قال الإمام: ونحن نعلم ضرورة من الشرع ضرر الدماء، وحياطة الدهماء، ونعلم من حال الصدر الأول من الصحابة ¤ أنهم كانوا لا يتجاسرون على إراقة محجمة من دم إلا عن تحقيق وبصيرة بنص قاطع. انتهى.
  (و) نحو تجويز (الرؤية) للباري، حكاها البويطي عن الشافعي.
  قال الإمام: فإن كانت غير معقولة كما يزعمه الأشعرية، فحاشا فكره الصافي عن المناقضة، وإن كانت رؤية معقولة فحاشاه عن التشبيه.
  (والتجسيم) للباري تعالى عما يقول الظالمون علواً كبيراً فإنه يروى عن ابن حنبل وعن مالك التجسيم.
  قال الذهبي في ترجمة مالك في التذكرة، قال أحمد بن حنبل: حدثنا شريح بن النعمان، عن عبد الله بن نافع، قال: قال مالك: الله في السماء وعلمه في كل مكان، وصح أيضاً عن مالك أنه قال: الإستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجبُ، والسؤال عنه بدعة، فهذه الأشياء الفظيعة (وإن) رويت عنهم فإنه (لم يصح بعضُها) كإيجاب القدرة والرؤية والتجسيم؛ لأن إثبات هذه الأمور قادح في الإيمان، فلا يقبل إلا بتواتر، ولا ننتقل عن إيمانهم إلا بقاطع، ولذلك قال المصنف: