(فصل): في بيان من تقليده أولى
  (والحق أنه لا يصح عنهم قادح يمنع من تقليدهم) كالأمور الموجبة للكفر لتواتر صحة اعتقادهم؛ لأن كلاً منهم متواتر عنه تخطئة المجبرة والمجسمة نعلمه بذلك، ولنصوصهم أيضاً أن اعتقادهم يتضمن العدل والتوحيد.
[موالاة الفقهاء الأربعة لأهل البيت $]
  (وتوليهم للعترة ظاهر): أمَّا أبو حنيفة: فكان موالياً لزيد بن علي ¥، وقيل: إن أبا حنيفة اعتذر عن الخروج مع زيد # وطلبه الأذن بذلك، وكان يدعو إليه سراً مخافة سلطان بني آمية، وكان يعين زيد بن علي باللسان والإحسان بعث إليه مرة بثلاثين ألف درهم، وقيل: دينار، وكان من اعتذاره عن الخروج أنه مشغول بتفسير العلوم، وجهادُ العلماء باللسان، وعاش أبو حنيفة إلى زمن المهدي محمد بن عبد الله وأخيه، وكان يدعو إليهما ويحث على طاعتهما، وكتب إلى إبراهيم بن عبد الله أمَّا بعد: إذا ظهرك الله على آل عيسى بن موسى فسر بهم سير أبيك في صفين ولا تسر بهم سير أبيك يوم الجمل، فظفر أبو جعفر بكتابه فدسَّ إليه شربة من السم فمات منها، فهو شهيد في حب أهل البيت #، وسئل أبو حنيفة: أيما أفضل الحج أو الخروج إلى إبراهيم بن عبد الله فقال: غزوة بعد حجَّة الإسلام خير من خمسين حجَّة، وجاءه رجل فقال: يا أبا حنيفة ما اتقيت الله في فتواك أخي بالخروج مع إبراهيم بن عبد الله حتَّى قتل، فقال: قتل أخيك معه خير من الحياة، فقال: فما منعك من الخروج، قال: ودائع الناس عندي، ومن أراد صدق ما قلناه فليتابع كتاب مقاتل الطالبيين.
  وأمَّا الشافعي رضوان الله عنه: فكان في وقت يحيى بن عبد الله بن الحسن، وكان له من التابعين ومدائحه في أهل البيت أكثر من أن تحصى، منها قوله ¥:
  يا راكباً قف بالمحصب من منى ... واهتف بقاطن أهلها والناهض
  سحراً إذا سار الحجيج إلى منى ... سيراً كملتطم الفرات الفايض
  قف ثُمَّ ناد بأنني لمحمدٍ ... ووصيه وابنيه ليس بباغض
  إن كان رفضاً حب آل محمد ... فليشهد الثقلان أني رافضي
  وهو القائل:
  إذا جاش طوفان الضلال فنوحُه ... علي وإخلاص الولاء له فُلْكُ
  إمامٌ إذا لم يعرف المرء فضله ... على الناس لم ينفعه زهد ولا نُسْكُ