(فصل): [في المذهب والتخريج]
  وفي البحر: مسألة: الهادي والقاسم والناصر ومالك: والجاهل كالنَّاسي لاشتراكهما في عدم العلم.
  القاضي زيد وعلي خليل تخريجاً: بل كالمجتهد، لفعله عمداً فلا يعيد مطلقاً؛ إذ لا ينقض اجتهاد باجتهاد.
  قلنا: هو بالناسي أشبه؛ إذ تركه لعدم العلم.
  أبو حنيفة: لا يعيدان مطلقاً كالمجتهد. لنا: ما مرَّ. انتهى.
  ومعناه أنَّ الجاهل كالناسي في عدم وجوب القضاء بعد خروج الوقت، وظاهره يقتضي أن حكم النَّاسي هناك مما اتفق عليه فتأمَّل القولين، وقد مهدنا أن الجاهل كالمجتهد، وإذا قلنا إنَّه كالمجتهد كان القول ما قال القاضي زيد من أنه لا يعيد مطلقاً، وبعد تمهيد أن الجاهل كالمجتهد الأنسب أن يرد هذه المسألة إلى ما سبق من الكلام على المجتهد إذا رجع عن اجتهاده.
(فصل): [في المذهب والتخريج]
  (ويقبل) من أراد التقليد (الرواية عن) المجتهد (الغائب والميت) فيعمل بقوله إن شاء، وإنما يقبل الرواية (إن كملت شروطها) وهي ثلاثة: عدالة الراوي، وضبطه لما روى، بمعنى: أنه لا يخل بالمعنى بزيادة أو نقصان وإن اختَلف اللفظ، وبلوغه وعقله، فلو سمع ذلك في صغره ورواها بعد بلوغه قبلت منه على الأصح، وقد تقدم.
  (ولا فرق بين المذهب والقول) بل هما مترادفان ولذلك يقال في المسألة مذاهب وأقوال، (ولو في التوقف) فإنه يقال: مذهبه الوقف، وقوله (على الأصح) إشارة إلى قول الحفيد: أنَّ الشاك ليس له مذهب فيناظر عليه، وكذلك الإمام ذكره، قال: لأن حاصله الشك وكلامهما فاسد بالاستقراء، فإن المذهب هو الذي يقصد إليه والوقف هو مقصود إليه، فحصلت حقيقة التسمية في التوقف.
  (و) المذهب: (هو الاعتقاد أو الظن الصادر عن طريقٍ) شرعية، (أو) الصادر عن (شبهة) نظراً، (أو) الصادر عن (تقليد)، ولا يقال في العلم الضروري ولا التبخيت إنه مذهب، قال الدواري: وإنما لم نعد ما كان كذلك مذهباً اصطلاحاً للعلماء. انتهى.
  (وإنما يضاف) المذهب (إلى قائله):
  (للعلم بذلك ضرورة) من قصده، (أو) العلم بذلك (استدلالاً) عليه بأي طرق الاستدلال، (أو) يُضاف إلى قائله (لنص صريح) نحو الوتر سنَّة أو غير واجب، (أو عموم شامل) لها ولغيرها، كأن يعبر من كلامه على أن كل مسكر حرام فيعرف أن مذهبه في المثلث التحريم من غير افتقار إلى