(فصل): [في المجتهد إذا وجد له قولان في مسألة]
  (ولا) يلزم المقلد معرفة (كون المخرج) له (ممن يرى تخصيصها) أي العلة أو يمنعه، فلا يلزم المقلد المستنبط لذلك معرفة أي الوجهين من إمامه، وهذا (على الخلاف المتقدم) فعلى كلام أبي طالب وابن زيد يجب، وعلى قول بعض أئمتنا لا يجب.
(فصل): [في المجتهد إذا وجد له قولان في مسألة]
  (ولا يستقيم لمجتهد قولان) في مسألة (متناقضان في وقتٍ واحد) بالنسبة إلى شخص واحد؛ لأن دليلهما إن تعادلا توقف، وإن ترجح أحدهما فهو قوله ويتعين.
  وإنما قلنا لمجتهد؛ لأنه كثيراً ما يتناقض أقوال المجتهدين.
  وقلنا في مسألة؛ لأنه لا تناقض عند فهم تعدد المسائل.
  وقيد بشخص واحد؛ لأنه لا تناقض في الحل لزيد والحرمة لعمرو.
  وأمَّا التقييد بفي وقت واحد، فلا بد منه للقطع بجواز تغير الاجتهاد، بأن يفتي اليوم بالحل لزيد وغداً بالحرمة له.
  فإذا كان للمجتهد قولان:
  (فإن عرف ترتبهما) كأن ينص مثلاً في كتاب على إباحة شيء، وفي كتاب متأخرٍ على تحريمه كالمنتخب والأحكام والفنون، (فا) لقول (الثاني رجوع عن ا) لقول ا (لأول) أوجبه تغير الاجتهاد.
  فإن قيل: أليس من شرط التناقض اتحاد الزمان؟
  قلنا: ذلك زمان نسبة القضيتين، وهذا وقت القول والتكلم بالقضيتين، مثلاً لو قلنا اليوم: هذا حلال وإثماً، وغداً: هذا ليس بحلال، كان تناقضاً، فليتأمَّل فإنَّ هذا مما يقع فيه الغلط.
  ثُمَّ المعتبر في اتحاد الوقت وتعدده هو العرف، وإلا فزمان التكلم بالإيجاب غير زمان التكلم بالسلب، فلا يتصور قولان في وقتٍ واحدٍ، اللهم إلا أن يصرح بأن فيه قولين.
  فإن قيل: ما معنى جواز المتناقضين في وقتين لا في وقتٍ.
  قلنا: معناه أن مثل ذلك في وقت يعد لغواً باطلاً من الكلام لا مجرد خطأ في الاجتهاد بخلافه في وقتين.
  (وعلى ذلك) أي على أن الثاني رجوع عن الأوَّل (يحمل ما ينسب إلى بعض أئمتنا) كالهادي (وغيرهم) من الفقهاء (من القولين) في المسألة (أو الأقوال) فيها.