الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

[في أقسام الحظر والإباحة]

صفحة 598 - الجزء 2

الباب الخامس عشر من أبواب الكتاب باب الحظر والاباحة

[في أقسام الحظر والإباحة]

  قيل: الأولى أن يقال: باب القبح والإباحة؛ لأن القبيح قبل الشرع لا يسمى محظوراً، ولا بأس بذلك إن لم يصح ما ذكره بعضهم من أنَّ الحظر يقال على القبح العقلي حقيقة.

  (يوصف بهما) أي الحظر والإباحة (ما يقع من المكلف المختار) فأمَّا فعل المجانين وغير المختارين فلا يوصف بحظرٍ ولا إباحة، ولا يريده الله سبحانه ولا يكرهه، واحترز بقوله (غالباً) عن القسم الأول من قسمي فعل المكلف المختار.

  (و) ما يقع من المكلف المختار (هو قسمان):

  الأوَّل: (ما لا صفة له زائدة على حدوثه) وهي الحسن والقبيح، (و) هو ما (ليس بحسن ولا قبيح) وذلك (كالفعل اليسير) في الحواشي: كانخفاظ الرجل عند السير، وانتفاض التراب عند الضرب.

  قال القاضي عبد الله: والأولى أن يقال: هي الأفعال الصادرة من الساهي والنائم التي ليس فيها نفع ولا ضرر فيهما؛ إذ قد يصدر منهم أفعال كثيرة، وليست بحسنة ولا قبيحة لخلوها عن النفع ودفع الضرر جلباً ودفعاً، وليس لهما صفة زائدة على حدوثهما وصفتها الذاتية والمقتضاة.

  (و) الثاني: (ما له صفة زائدة) على حدوثه، وضابطه: ما فعله العالم به المميز بينه وبين غيره وفيه جلب نفعٍ له أو لغيره، أو دفع ضررٍ عنه أو عن غيره، أو إضرار بنفسه أو بغيره، (وهو قسمان):

  الأوَّل: (ما يذم فاعله، وهو القبيح المحظور) يكرهه الله ولا يريده، (ويكون ضرورياً)، وذلك (كقبح الظلم والكذب الضار) فإن قبح ذلك يدرك بالضرورة من غير نظرٍ وتأمُّل، (و) يكون (استدلالياً) وذلك (كقبح الكذب النافع) فإن قبح ذلك معلوم استدلالاً بالنظر، ووجه النظر فيه: أن الكذب إنما قبح لكونه كذباً؛ لأنه يدور معه وجوداً وعدماً، فلهذا كان مؤثراً فيه، ولا يُخرجُ الكذب عن القبح كونه مقارناً للنفع.

  (و) الثاني من قسمي ماله صفة زائدة: (ما لا يذم فاعله) على فعله (وهو الحسن، ويكون كذلك) أي ضرورياً: كحسن التفضل والإنعام وشكر المنعم، واستدلالياً: كالعلم بحسن الصدق