الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

(فصل): [في الحسن والقبح المتعلق بالمدح والذم]

صفحة 610 - الجزء 2

(فصل): [في الحسن والقبح المتعلق بالمدح والذم]

  (بعض الأشعرية) كأسعد بن علي الزنجاني (و) بعض (الحنفية)، وحكى الزركشي ذلك عن كل الحنفيَّة، قال: وحكوه عن أبي حنيفة (و) بعض (الحنابلة) كأبي الخطاب في ذلك (فقالوا): لا نقول أنهما بالاعتبار الثالث عقليان مطلقاً كما تقوله المعتزلة ومن معهم ولا شرعيان مطلقاً كما يقوله جمهور الأشعرية، بل نقول: (أمَّا حسن الشيء بمعنى كونه متعلقاً للمدح عاجلاً، وقبحه بمعنى كونه متعلقاً للذم عاجلاً فعقليان) لإدراك العقل لذلك إمَّا بالضرورة أو الاستدلال، (وأمَّا حسنه بمعنى كونه متعلقاً للثواب آجلاً، وقبحه بمعنى كونه متعلقاً للعقاب آجلاً فشرعيان) إذ لا يعرفان أعني الثواب والعقاب إلا بالشرع.

  قال الزركشي: وهذا هو المنصور لقوتِه من حيث النظر وآيات القرآن المجيد وسلامته من الوَهن والتناقض.

  قال السيد محمد بن إبراهيم ¦: وقول الزركشي قول صحيح وساق ما قدمناه من الاستدلال بالآيات وقصة موسى والخضر.

  واعلم أن الأصوليين مشوا على إثبات التحسين والتقبيح في الأصول من باب القياس من المناسب من أقسام العلة، وقد أجاد السيد محمد بن إبراهيم في تحقيق ذلك في الإيثار.

  وقال النسفي⁣(⁣١): في إرسال الرسل حكم، قال السعدي: مصلحة وغاية حميدة، وفي هذا إشارة إلى أن الإرسال واجب لا بمعنى الوجوب على الله تعالى، بل بمعنى أن قضية الحكمة تقتضيه لما فيه من الحكم والمصالح، وقد أردت بنقل الأقوال بيان اتفاق الجميع على إثبات الحكم الحميدة، ومن راجع مختصرات المنتهى وشروحه، وكتب الأشعرة في الأصول في القياس خاصة عرف حكمهم بهذا من حيث لا يشعرون والله أعلم.

  نعم، ويقوى هذا التفصيل بما يلزم في الواجب على الله؛ إذ لا يعقل في حقه لا ثواب ولا عقاب، والله أعلم.


(١) هو عبد الله بن أحمد بن محمود النسفي، حافظ الدين، أبو البركات، فقيه حنفي مفسر، نسبته إلى بلدة ببلاد السند بين جيحون وسمرقند، تسمى (نسف)، توفي بإيذج سنة (٧١٠) هـ، له مصنفات منها: مدارك التنزيل في التفسير، والمنار في أصول الفقه، وغيرها.