(فصل): (واختلف في شرع من قبلنا) هل يلزمنا أو لا؟
  (وكاستصحاب النص بعد نسخه نحو) استصحاب (الوصية للأقارب) اعتماداً على قوله تعالى: {إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ} بعد نزول ناسخها وهي آية الميراث، وهذا وأمثاله لا اعتماد عليه؛ لأنه لا حكم لها بعد نزول ما يبطلها؛ إذ لا يجوز للمجتهد أن يعمل على آية أو خبر يظن أنهما منسوخان، فلا بد من البحث عن ذلك، وأدنى ما في ذلك العمل على غالب الظن، فإذا غلب على ظنه النسخ لآية أو خبر لم يجز التعويل عليهما، وهذا كله من جهة النظر والاجتهاد، فأمَّا المناظرة وما يقتضيه آداب الجدل فإنه يجوز للمستدل الاستمساك به، لا حرج عليه في ذلك، حتَّى ينهض المعترض ويقيم برهاناً على كون الآية منسوخة بكذا، فمتى قام ذلك بطل ما قاله المعلل بلا مرية.
  (فإن تعارض أمران) نصان أو غيرهما (أحدهما يقتضي بقاء الحالة الأولى) كما إذا وجد أمارة تدل على عدم الماء فتيمم مثلاً (والآخر يقتضي خلافه) بأمارة تدل عليه، أو أي وجوه الترجيح الآتية، فإنه لا يرجع إلى الأصل بل يرجع إلى المخالف.
  وتحقيقه: لو أن المتيمم دخل في الصلاة وله أمارة بوجود الماء وأمارة بعدمه، فإن وجد وجه ترجيح لأمارة وجود الماء وجب عليه الخروج من الصلاة، وإلا بقي على الحالة الأولى واستصحابها، لما قرر.
  وللمسألة مثال آخر: كما لو ورد خبر بأنه لا وصية لوارث وخبر بأنه يوصى له، فإنا نرجع إلى الأصل وهو الوصية له، اعتماداً على الآية، لو لم نفرض حصول ترجيح هنا لأحدهما.
  ومثال المترجح معارضه: ما قدمناه من مثال من قبّل حد، مع من قبل لم يحد، فإن الأصل أن لا حد، لكنا لا نرجع إليه هنا لترجح من قبل لم يحد، بأنه ناقل عن حكم العقل، والله أعلم.
  (رجع إلى الأصل) وهو بقاء الحالة الأولى، لوجدان وجه ترجيح مع الأمر الأول، وهو دليل استصحاب الحال، اللهم (إلاَّ أن يترجح معارضه، فإن التبس بقاؤه) أي الأصل (أو تغيره فالأصل بقاؤه حتَّى يعلم مغيره إن كان علمياً) لأن العلمي يفتقر إلى مغير علمي، لعدم مقاومة الظن للعلم، (أو يظن) مغيره (إن كان ظنياً) وذلك واضح.
(فصل): (واختلف في شرع من قبلنا) هل يلزمنا أو لا؟
  (فعند المتكلمين) المعتزلة والأشعرية، (وبعض أئمتنا) كمحمد بن المطهر، (وبعض الفقهاء: ليس بحجة).
  (و) روي (عن الشافعي): أنه (يحتج به)، (و) روي (عنه) أيضاً (لا يحتج به، و) روي (عنه) أنه يحتج (بشرع إبراهيم # دون غيره) من الأنبياء.