الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

(فصل): [في تعارض الأدلة الظنية]

صفحة 624 - الجزء 2

الباب السادس عشر وهو اخر أبواب الكتاب باب التعادل والترجيح

  لما كانت الأدلة الظنية قد تتعارض فلا يمكن إثبات الأحكام بها إلا بالترجيح، وذلك بمعرفة جهاته عقيب مباحث الأدلة الشرعية بالتعادل والترجيح، وهذا الباب هو أهم الأبواب الأصولية وأكثر تناقش الفقهاء فيه، وتنشأ منه فوائد جمَّة، ولذلك وقع فيه الاعتناء، وخاض الأصوليون فيه خوضاً عظيماً، وهذا أوان الشروع في الغوص في تياره، والتروي من فرات أنهاره، فنقول: قال السيد:

(فصل): [في تعارض الأدلة الظنية]

  (الظنيان المتعارضان إن لم يكن لأحدهما مزية على الآخر فهو التعادل) قال الآسنوي: واتفقوا على جواز التعادل بالنسبة إلى نفس المجتهد، (واختلف فيه) في نفس الأمر⁣(⁣١).

  (فمنعه الإمام) يحيى، (وأحمد) بن حنبل (والكرخي وأبو الحسين والحفيد، وجوزه الجمهور) من العلماء، وهو المختار.

  لنا: لو امتنع لكان امتناعه لدليل، والثاني باطل؛ إذ الأصل عدم الدليل.

  قالوا: لو تعادل أمارتان فإمَّا أن يعمل بهما أو بأحدهما معيناً أو مخيراً، أو لا يعمل بهما والكل باطل:

  أمَّا الأول: وهو العمل بهما، فظاهر، للزوم اجتماع التحليل والتحريم وهو باطل.

  وأمَّا الثاني: وهو العمل بأحدهما معيناً؛ فلأنه مع تساويهما تحكم وهو باطل.

  وأمَّا الثالث: وهو العمل بأحدهما مخيراً، فإنه حينئذ يجوز أن يفتي لزيد الحل ولعمرو بالحرمة، فيكون الفعل الواحد حلالاً لزيد حراماً لعمرو، ومن مجتهد واحد، وإنه محال.

  وأمَّا الرابع: وهو عدم العمل بهما، فلأنه قول بأنه ليس حلالاً ولا حراماً، مع أنه إمَّا حلال وإما حرام ضرورة، إنه لا مخرج عنهما فيكون كاذباً.

  قلنا: أولاً نختار الأول وهو أن نعمل بهما.


(١) الأولى أن مراد المصنف التعادل في ظن المجتهد، وأما في نفس الأمر فهو ممنوع مطلقاً، بدليل منعهم للتعارض في القطعي، وإلا كان الظني والقطعي سواء، وترتيب المتن يقضي بما ذكرناه، وإنما تبع الشارح | صاحب الحواشي، فإنه رواه عن بعضهم، فتأمل. تمت من هامش النسخة (أ).