(فصل) [في الحدود]
  العام مع القياس تقدم بيانه) من أنه هل يجوز تخصيصه بالقياس أو لا؟، ومتى يجوز فليتذكر، وهذا آخر الكلام على ترجيحات الطرق المواصلة إلى التصديقات الشرعية بالألفاظ.
(فصل) [في الحدود]
  (و) أمَّا (الحدود) فمنها عقلية كتعريفات الماهيات، ومنها سمعية كتعريفات الأحكام، والمقصود هنا (السمعية الظنية) لا القطعية فلا تعارض، (المتعارضة الموصلة إلى التصورات الشرعية كحدود الصلاة والصوم والزكاة والبيع ونحوها من الماهيات الشرعية يكون الترجيح بينها) بأمرين:
  الأوَّل: (باعتبار الحد بنفسه).
  (و) الثاني: (اعتبار أمر خارج).
  (فالأوَّل) وهو الترجيح باعتبار الحد بنفسه يكون بوجوهٍ:
  الأوَّل: قوله (كترجيح) الوصف (الذاتي) وهو مالا يتصَّور فهم الذات قبل فهمه، فلو قدر عدمه في العقل لارتفع الذات كاللونية للسواد والجسمية للإنسان (على) الوصف (العرضي) وهو ما يتصور فهم الذات قبل فهمه، كالفردية للثلاثة، والحدوث للجسم أو غير ذلك مما يأتي عليه العد، وإنما رجح الذاتي على العرضي لأن التعريف بالذاتيات يفيد التمييز والتصور على ماهو عليه، وبالعرضيات لا يفيد التمييز.
  مثاله: الوضوء طهارة حكمية تشتمل على غسل الأعضاء الثلاثة ومسح الرأس، مع قول الآخر: الوضوء عبادة تشتمل على غسل الأعضاء الثلاثة ومسح الرأس لقرينة خاصَّة، فإن الطهارة المذكورة ذاتية للوضوء اتفاقاً، وكونه عبادة عرضي مفارق عند الخصم.
  (و) الثاني: (ما لفظه صريح) فإنه يرجح (على غيره) مما لا يكون صريحاً في المقصود لتجوُّز فيه أو استعارة أو إجمال أو اشتراك أو غرابة أو غير ذلك.
  مثاله: الجنابة حدوث صفة شرعية في الإنسان عند خروج المني، وعند سببه يمنع عن القراءة لا الصوم، مع قول الآخر: الجنابة خروج المني على وجه الشهوة، فإن الأوَّل أولى من الثاني؛ لأنه من قبيل التجوز؛ إذ سبق منه إلى الوهم أن يكون المني خفياً، وإنما الجنب صاحبه.
  (و) الثالث: أن يكون مدلول أحدهما أعم من مدلول الآخر فيرجح (الأعم على الأخص) لفائدته؛ إذ الأعم تناول ذلك وغيره فتكثر الفائدة.