فصل: [اشتراط النقل للعلاقات عن العرب]
  قلنا: هذا يتوقف على أن لا يكون مجاز الزيادة ومجاز الحذف إلا ما أمكن فيه ذلك، وذلك إن فسر هذا المجاز بما يغير إعرابه، فسبب حذف لفظ أو زيادة لفظ كما هو المشهور، وأمَّا ما ذكر المؤلف من تعميم الحذف بحيث يشتمل حذف المضاف عليه وغيره، وكذلك ينبغي أن يعم مقابله أعني الزيادة حتَّى يشمل نحو فبما رحمة من الله فلا تم.
  قال: والصواب: أن لا يفسر مجاز النقصان والزيادة بغير ما فسروا وأن يوجه كونه من المجاز اللغوي المذكور تعريفه بالتوجيه السابق المذكور في السؤال؛ إذ لم يذكر الأصوليين إلا المجاز اللغوي فإدراجه فيه أولى من جعله نوعاً آخر معولاً عليه لفظ المجاز بالاشتراك أو المناسبة. انتهى كلامه.
فصل: [اشتراط النقل للعلاقات عن العرب]
  (والنقل) عن العرب (شرط في هذه الأنواع) أي أنواع العلاقة التي لأجلها يصح التجوز (اتفاقاً) بين مثبتي المجازات، وإنما اختلفوا في الإفراد:
  فالمذهب أنه يشترك فيها (دونَ أفرادها) أي أفراد الأنواع، فلا يشترط النقل عن العرب فيها.
  (وقيل: يشترط) النقل عنهم (فيها) وممن يقول بذلك الرازي فلا بد عنده من نقل التجوز بالغيث عن مسببه كالنبات بخلاف ما عليه الجمهور، فإنهم يقولون: إذا ثبت عن العرب التجوز بسبب ما عن سببه جاز إطلاق اسم الغيث على النبات.
  (وتوقف الآمدي) في الاشتراط وعدمه.
  لنا: إجماع أئمة الأدب على اختراع الاستعارات العربية البديعة التي لم يسمع بأعيانها من أهل اللغة لتعارض الأدلة، وهو من طرق البلاغة وشعبها التي بها ترتفع طبقات الكلام، فلو لم يصح لما كان كذلك، ولهذا لم يُدَوِّنُوا في كتب اللغة المجازات تَدْوينَهم الحقائق.
  وتمسك المخالف: بأنه لو جاز التجوز بلا نقلٍ من العرب لكان قياساً في اللغة أو اختراعاً، وذلك لأنه إثبات ما لَم يُصرَّح به من إطلاق اللفظ على المعنى المجازِي، فإن كانَ هذا الإثبات بجامع مشترك بين المعنى المجازي الذي لم يُصرَّح باستعمال اللفظ فيه وبين معنى صُرِّح بإطلاق اللفظ عليه يستلزم ذلك الجامع للحكم الذي هو استعمالُ اللفظ، فهو القياس وهو باطل في اللغة لما سيأتي، وإلا فهو إثبات ما لم يثبت عن العرب وهو الاختراع للغة لا التكلم بلغة العرب، وبطلانه ظاهر؛ إذ ليس من لغة العرب.