فصل [في إرادة المعنى الحقيقي والمجازي معا]
  وكذلك الفاضل يطلق عليه للعلم والله عالم ولا يقال له فاضل، والقارورة تطلق على الزجاج لاستقرار الشيء فيها والدن والكوز مما يستقر فيه الشيء فلا يسمى قارورة.
  وقد يجاب: بأن المراد بكون عدم الإطراد علامة المجاز أنه إذا استعمل لفظ في شيء بناء على معنى، وترددنا في أنه حقيقة أو مجاز، ثُمَّ وجدناه لا يستعمل في شيء آخر مع وجود ذلك المعنى، علمنا أنه في ذلك الشيء مجاز وأنَّه ليس بموضوع لذلك المعنَى، أو لا يصح استعمالِه في فرده الآخر ولا يرد النقض بالصور المذكورة؛ لأنا لما وجدناهم لا يطلقون السخي والفاضل على الله تعالى علمنا أن السخي ليس للجواد مطلقاً، والفاصل ليس للعالم مطلقاً، بل مع خصوص قيد لا يوجد في الله تعالى كجواز البخل والجهل مثلاً، وككون الفاضِل لمن زاد علمه على فرد من بني نوعه، وكذلك القارورَة ليست لمقر المائعات مُطلقاً بل مع خصوصية كونه من الزجاج.
فصل [في إرادة المعنى الحقيقي والمجازي معاً]
  قال سعد الدين في شرح التنقيح وأشار إلى شيء منه في شرح العضد: لا نزاع في جواز استعمال اللفظ في معنى مجازي يكون المعنى الحقيقي من أفراده، [مثل أن يراد بوضع القدم - في قوله: لا أضع قدمي في دار فلان - الدخول، فيتناول الدخول حافياً وهو الحقيقة، وناعلاً وراكباً، ويسمى بعموم المجاز، ومثل(١)] استعمال(٢) الدابَّة عرفاً فيما يدَبّ على الأرض، ولا نزاع في امتناع استعماله في المعنى الحقيقي والمجازي بحيث يكون اللفظ بحسب هذا الاستعمال حقيقة مجازاً.
  أما إذا اشترط في المجاز قرينة مانعة عن إرادة الموضوع له، فظاهر.
  وأمَّا إذا لم يشترط: فلأن اللفظ موضوع للمعنى الحقيقي وحده، فاستعماله في المعنيين استعمالٌ في غير ما وضع له فعلى تقدير صحة هذا الاستعمال فهو مجاز بالاتفاق.
  وإنما النزاع في أن يستعمل اللفظ ويراد في الإطلاق واحد معناه الحقيقي والمجازي معاً، بأن يكون كل منهما متعلق الحكم مثل أن يقول لا تقتل الأسد ويريد السبع والرجل الشجاع،
(١) ما بين القوسين زيادة من هامش النسخة (أ) وفي آخره أنه من صح من الأصل.
(٢) في النسخة الأصلية كاستعمال، لأن ما بين القوسين ساقط منها.