فصل: [في القرينة]
  وأمَّا قول بني حنيفة رحمن اليمامَة: فليس باستعمال صحيح؛ إذ هو بمثابَة أن يطلق كافر لفظ الله على مخلوق، على أنه استعمال غير حقيقي؛ إذ لم يريدوا رقة القلب، لكن التحقيق أن الرحمن حقيقة دينيّة كما أفاده السيد محمد بن إبراهيم | في الإيثار، وأجاد، (و) نظير رحمن في ذلك (عسَى) وحبذا ونحوها، فإنها أفعال، والإجماع على أن كل فعل موضوع لحدث وزمان معين من الأزمنَة الثلاثَة، ولم يوجد استعمالها في ذلك بعد الاستقراء على أن عدم جواز استعمالها في المعاني الزمَانيَة معلوم من اللغة.
  واحتج القائل بلزوم الحقيقة: بأنه لو لم يستلزم المجاز لعري الوضع عن الفائدة وأنه غير جائز.
  بيانه أن فائدة وضع اللفظ لمعنى إنما هي إفادة المعاني المركبَة، وإذا لم يستعمل فيما وضع له حقيقة لم يقع في التركيب نفع، فتنتفي فائدته فيكون عبثاً.
  قلنا: إنما يمنع انحصار الفائدة في ذلك، فإن صحة استعماله فيما يناسبه يجوز فائدة، سلمنا فلا نسلم أن العراء عن الفائدة يستلزم العبث في الوضع؛ لجواز أن يوضع لغرض ولا يترتب عليه ذلك الغرض.
فصل: [في القرينة]
  (والقرينة) لها معنيان: لغوي واصطلاحي:
  أمَّا معناها (لغة) فهي (بعير صعب يقرن بذلول) أو أضبط ليسير سيره، قال:
  متى نعقد قرينتنا بحبل ... نجذ الحبل أو نقض القرينَا
  شبه نفسه وقومَه بالبعير الصعب الذي إذا ربط إلى قرينتيه لم يتذلل بربطه إليها، بلا لا يقارنها، إمّا لقطع الحبل أو لخدش القرين بالعقر، أو قطع بعض أعضائه.
  (و) أما حقيقة القرينة (اصطلاحاً)، فاعلم أنَّها في اصطلاح المنطقيين: المميزة لبعض معانيها المشتركة من بعض.
  وحقيقتها في اصطلاح المتكلمين: (ما أوجب صرفاً) للفظ عن ظاهره، (أو) ما أوجب (تخصيصاً) وسيأتي بيان ذلك إنشاء الله تعالى، (قيل: أو) ما أوجب (تكميلاً)، والقائل بذلك صاحب الجوهرة وشارحها وغيرهما من العلماء، ولا أدري ما سبب إثباته بقيل في هذا الموضع فإن جميع ما ذكره هنا لصاحب الجوهرة.
  (وتنقسم) القرينة (في نفسها) مع قطع النظر عن فائدتها إلى قسمين (لفظية ومعنويَّة):