الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

فصل: في بيان الأمور التي يحصل بسببها الإخلال بالقطع بمدلول اللفظ

صفحة 162 - الجزء 1

  فزعم قوم: أنهما مترادفان لصدقهما على ذات واحدة، وكذلك قالوا: ما الحد إلا تبديل لفظٍ بلفظٍ أجْلَى، وكذلك التوابع المقويَّة لمدلول ما سبقها.

  (والأصح أن الحد والمحدود، ونحو شيطان ليطان) وحسن بسن، وعطشان نطشان (غير مترادفين) أي غير متحدي المعنى.

  أمَّا الأوَّل: فلأن الحد يدل على أجزاء الماهية تفصيلاً، والمحدود - أي اللفظ الدال عليه - يدل عليهما إجمالاً، والمفصل: غير المجمل.

  وأمَّا الثاني: فلأن التابع لا يفيد المعنى بدون متبوعه، ومن شأن كل مترادفين إفادة كل منهما المعنى وحده، والقائل بالترادف يمنع ذلك.

فصل: في بيان الأمور التي يحصل بسببها الإخلال بالقطع بمدلول اللفظ

  فقد أوضح ذلك بقوله: (والاشتراك والنقل) من معنى آخر (والمجاز) وليس المراد بالمجاز هنا مطلق المجاز وهو المقابل للحقيقة، بل المراد مجاز خاص وهو الذي ليس بإضمار ولا تخصيص ولا نقل؛ لأن كل واحدٍ من هذه الثلاثة مجازٌ أيضاً، ويدل على ذلك ذكر اثنين منها بعده في قوله: (والتخصيص والنسخ والإضمار) وأشار المصنف إلى أن إخلالها بالقطع لا يضر لأنها (خلاف الأصل) أي الراجح.

  أمَا الاشتراك فيدل على ذلك وجوه:

  الأوَّل: أن احتمال الإشتراك لو كان مساوياً لاحتمالٍ الإنفراد لما حصل التفاهم بين أرباب اللسان حالة التخاطب في أغلب الأحوال من غير استكشاف، وقد علمنا حصول ذلك، فكان الغالب احتمال الإنفراد.

  وثانيها: لو لم يكن الاشتراك مرجوحاً لما يعتقد الأدلة السمعية مفيدة ظناً فضلاً عن العلم، لجواز أن تكون ألفاظها موضوعة لمعانٍ أخر، وتكون هي المرادة.

  وثالثها: أن الاستقراء دلَّ على أن الكلمات في الأكثر مفردة لا مشتركة، والكثرة تفيد ظن الرجحان.

  وأما النقل والنسخ: فلأن الأصل بقاء ما كان على ما كان، والنقل والنسخ فيهما انتقالٍ عما كان، فيكونان خلاف الأصل.

  وأيضاً فكل منهما يتوقف على شيء:

  أمَّا النقل: فلأنه يتوقف على المنقول منه وعلى تقدم الوضع الثاني.