فصل: في بيان هل تثبت اللغة بقياس أو لا؟
  فقال سعد الدين: هي تدل على خصوصية الذات بكونه زماناً أو مكاناً أو آلة، مثلاً المقتل ليس معناه شيئاً ما يقع فيه القتل، بل زمان أو مكان يقع فيه القتل، ولهذا لم يكن من الصفات، ولم يصح مكان المقتل كما يصح مكان مقتول فيه. انتهى.
  (ومن ثَمَّ) أي ومن جهة أن الوصف المشتق إنما يدل على ذات متصفة بمدلوله من دون خصوصيَّة بجسميَّة أو غيرها، وإن اختص في بعض الأحوال ببعض الأشياء التي لها خصوصيَّة لعارض كالمرئي، فإنه في الشاهد مختص بما يكون جسماً أو حالاً في جسم، بدليل دل عليه لا بوضع من أهل اللغة، (قال أبو هاشم: لو قدر أن الله تعالى مرئي) وإن كان ذلك متعذراً في حقه (لم يلزم مجانسته للمرئيات) وهي الأجسام والألوان حتَّى يلزم أن يكون جسماً أو حالَّاً في جسم، وإنما لم يلزم مجانسته للمرئيات؛ لأن معناه بحسب وضع اللغة أن رآئياً رآه؛ لأن اللغة لا تدلَّ على الخصوصيَّة بجسم أو غيره حتَّى يلزم من إطلاق ذلك كون الله جسماً، وإنما ذلك بدليل منفصل، فصار كونه مرئياً لو قدر مثل كونه معلوماً، فإنه لا يستلزم مجانسة المعلومات؛ إذ لا يلزم من كون الله معلوماً مجانسته المعلومَات التي في الشاهد؛ إذ هو قياس على مجرد الوجود من دون علة جامعة، وإنما يلزم مجانسته لو كانت العلة في كون هذه المعلومَات التي في الشاهد أجساماً وأعراضاً كونها معلومَات، لكن ذلك لا يصح لما عرفت من عدم دلالة الصفة على خصوصيَّة بذات، وبهذا التقرير يندفع احتجاج المشبه على كونه جسماً بكونه معلوماً.
  (وقال) أبوه (أبو علي يلزَم) مجانسته للمرئيات على ذلك التقدير، ومحل ذلك علم الكلام.
فصل: في بيان هل تثبت اللغة بقياسٍ أو لا؟
  لكن لا بد من تحرير محل النزاع ليتوارد النفي والإثبات على محلٍ واحد، ولذلك قال: (وما ثبت التعميم فيه بالنقل) عن العرب سواء كان (جامداً كرجلٍ أو مشتقاً كعالم أو) كان التعميم (بالاستقراء عن العرب كرفع الفاعل) ونصب المفعول وخفض المضاف إليه، فما كان على هذا (فمتفق على اطراده) لأنَّ النَّقْلَ قد دلَّ على أنَّ كل ذكرٍ من بني آدم يجوز عليه إطلاق رَجُل، وكذلك دلّ على أن كل ما أسند إليه الفعل أو شبهه على جهة قيامه به مقدماً عليه أنه فاعل، وكذلك المفعول، فلا حاجة إلى إثبات مثل هذه بالقياس.