الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

[معاني الواو]

صفحة 195 - الجزء 1

  منها في الحروف العاطفة تسعة:

[معاني الواو]

  [١] (الواو) العاطفة لا التي بمعنى مع، نحو: جاء البرد والطيالسة، ولا التي بمعنى الحال، نحو: جاء زيد والشمس طالعة، فإنهما يدلان على المعية، وهي (للجمع) ومعناه أن لا تكون لأحد الشيئين أو الأشياء كما كانت أو وأما، وليس المراد اجتماع المعطوف والمعطوف عليه في زمان أو في مكان، بل هي للجمع بين أمرين فصاعداً، أو تشريكهما في ثبوت مثل: قام زيد وعمرو، أو في ذات نحو: قام وقعد زيد، أو في حكم، نحو: ضرب زيد وعمرو، ومعنى (المطلق) أنه يحتمل أن يكون حصل من كليهما في زمان واحد، أو يكون حصل من زيد أولاً، وأن يكون حصل من عمرو أولاً، ولو قال لمطلق الجمع لكان أولى.

  لإيهام عبارته أن الجمع المطلق الموصوف بالإطلاق فيتناول الصور كلها، وهذا كمطلق الماء والماء المطلق، فإن الأول لا معنى له هنا بل المطلوب مطلق الجمع بمعنى أي جمع كان، سواء كان مرتب أو غير مرتب، (عند أكثر أئمتنا والجمهور) من العلماء، منهم من النحاة الخليل وسيبويه والمبرد والمازني وغيرهم، لما قدمناه من الدلالة في شرح الفصل: الصغير، (لا كون مُتْبَعِها) على لفظ المبني للمفعول، وهو ما اتبع بها، أي وليها (في الحكم) كالمجيء مثلاً في جاء زيد وعمرو (محتملاً للمعية) أي الإجتماع في الزمان (برجحان) أي برجحان احتمال المعية على التقدم والتأخر، يعني أنه غير ظاهر في المعية، ولا يكون منبعها محتملاً (للتأخر) أي تأخر ما بعدها، كعمرو في المثال في المجيء عن زيد (بكثرة) أي بزمان كثير، ولا كونه محتملاً (للتقدم) على ما قبل الواو (بقلة) بل هي لمطلق الجمع كما حققناه، (خلافاً لبعض النحاة) وهو ابن مالك، فإنه زعم أنك إذا قلت جاء زيد وعمرو، احتمل كون القيام وقع منهما دفعة واحدة راجحاً وكون الأول تقدم الثاني كثيراً، وكون الثاني تقدم الأول قليلاً، ودليله ورود استعمالها في الثلاثة، نحو {فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ}⁣[العنكبوت: ١٥]، وأكثر استعمالها في المعية، فلهذا جعله استعمالاً راجحاً في الأول.

  {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا وَإِبْرَاهِيمَ}⁣[الحديد: ٢٦]، ونحو {إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ ٧}⁣[القصص: ٧]، فإن الرد عقيب إلقائه في اليم والإرسال على رأس أربعين سنة في الثاني.

  وقول الشاعر: ... أو جونة فتحت وفض ختامها