الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

[معاني بعض حروف الجر]

صفحة 213 - الجزء 1

[معاني بعض حروف الجر]

  (و) كما احتيج إلى ذكر شيء من حروف العطف وحروف النصب، احتيج إلى غيرها أيضاً (كحروف الجر و) المذكور (منها) أحد عشر:

  الأول: (من) وهي (لابتداء الغاية، والتبعيض، والتبيين) وقد سبق شرح ذلك، (وزائدة) ومعنى كونها زائدة، لأنه لا يتغير بها أصل المعنى، بل لا يزيد بسببها إلا تأكيد المعنى الثابت وتقويته كما ستعرفه، فكأنها لم تفد شيئاً لما لم تغاير، وفائدتها اللفظية تزيين اللفظ وكونه بسبب الزيادة أفصح، أو كون الكلام بسببها مهيئاً لاستقامة وزن الشعر، أو حسن السجع، ولا يجوز خلوها من الفوائد اللفظية والمعنوية، وإلا لعدت عبثاً سيما في كلام الله سبحانه وأنبيائه، وإنما تزاد بشروط ثلاثة:

  أحدها: تقدم نفي أو نهي أو استفهام بهل، نحو {وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا}⁣[الأنعام: ٥٩]، {مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ ٣}⁣[الملك: ٣]، وتقول: لا نعم من أحد، وزاد الفارسي الشرط مستدلاً بقوله:

  ومهما تكن عند امرئ من خليقة ... وإن خالها تخفى على الناس تعلم

  الثاني: تنكير مجرورها.

  الثالث: كونه فاعلاً أو مفعولاً أو مبتدأ، ولا يشترط الأخفش والكوفيون ذلك، لقوله {يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ}⁣[الأحقاف: ٣١].

  قلنا: للتبعيض، وهي الصغائر.

  قالوا: يناقضه قوله {إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا}⁣[الزمر: ٥٣].

  قلنا: غفران البعض لا يناقض غفران الكل.

  قالوا: ورد: هل كان من مطر.

  قلنا: على الحكاية، كأنه سئل هل كان من مطر فأجاب.

  (و) قد تجيء (للتعليل) نحو {مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا}⁣[الجن: ٢٥]، وقوله:

  وذلك من نبأ جاءني

  وقوله:

  يغضي حياء ويغضى من مهابته