فصل: [في معنى الواجب وأقسامه]
  وجه ليس للمكلف فعله (فمعرف التحريم أو) اقتضى الترك (غير حتم) بأن يكون على وجه للمكلف فعله مع النهي (فمعرف الكراهة، أو كان) خطاب التكليف (بالتخيير فمعرف الإباحَة).
  قال عضد الدين ما معناه: واعلم أن الحكم أمرٌ إضافي له نسبة إلى الفعل ونسبة إلى الحاكم، فإذا نسب إلى الفعل يسمى وجوباً، وإذا نسب إلى الحاكم يسمى إيجاباً، وهما متحدان بالذات مختلفان بالإعتبار(١)، فلذلك تراهم يجعلون أقسام الأحكام الوجوب والحرمة مرة، والإيجاب أخرى، وتارة الوجوب والتحريم، كما فعل المصنف.
  (والواجب والمندوب والمباح والمكروه والمحظور الفعل المتَّصف بذلك) أي بالوجوب ونحوه، إذ هي من صفات الأفعال الاعتباريَّة لا الحقيقية، فوجوبُ الواجب لوجوه واعتبارات، وكذلك قبح القبيح، فالوجوب كون الفعل على تلك الوجوه، وكذلك القبيح.
فصل: [في معنى الواجب وأقسامه]
  (والواجب) في اللغة: الساقط يقالُ: وجبت الشمس أي سقطت، قال تعالى: {فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا}[الحج: ٣٦]، ويقال للقار الثابت، يقال: وجب الحق على فلان أي قر وثبت.
  وأمَّا في الاصطلاح فتستعمل في أمور أربعة:
  [١] واجب في مقابله الجائز: يقال: صفات الله واجبة له أي غير جائزة.
  [٢] وواجب في مقابله التحيز، يقال: كون الجسم محتركاً يصدر عن مؤثر على سبيل الوجوب، المعنى أنه غير متحيز.
  [٣] وواجبٌ يراد به المستمر، يقال من توفرت دواعيه إلى الفعل وصوارفه عن تركه: وجب حصول الفعل منه، يعني استمر حصوله.
  [٤] والواجب الذي هو مناط التكليف، وهو (ما استحق المدح على فعله والذم على تركه بوجه مَّا)، وهذه الزيادة للباقلاني، وأتى بها المؤلف ليدخل من الواجب ما لا يذم تاركه كيف ما تركه، بل يذم تاركه بوجهٍ دون وجهٍ، وهو إذا لم يقم به غيره في ظنِّه وهو فرض الكفايَة، وكذا
(١) [فاختلفت العبارات لاختلاف الإعتبارات، وكما قالوا في أدب البحث أن الكلام المفيد من حيث أنه يسأل عنه يسمى مسألة، ومن حيث أنه يبحث عنه يسمى بحثاً. تمت. من هامش النسخة (أ).