الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

فصل: [في استحالة كون الشيء واجبا وحراما من جهة واحدة]

صفحة 246 - الجزء 1

  (وثمرة الخلاف) بين القائلين بوجوب المذكور والقائلين بعدم وجوبه (هل يتناوله) أي ما لا يتم الواجب إلا به (الأمر) بحيث لا يحتاج إلى دليل آخر غير دليل وجوب الأصل (ويوصف بالوجوب) بمجرد وجوب الأصل (ويثاب بفعله) فيثاب ثواب واجبين (ويعاقب) عقاب عقابين بتركه (أم لا) يثبت شيء من هذه الثلاثة، فمن قال هو واجب قال نعم ومن لا فلا.

  (وإذا لم يتم الواجب إلا بقبيح) أي بفعل قبيح كالصلاة الواجبة في الدار المغصوبة، ومثل إخفاء المؤمنين من الكفار بالكذب الصريح (أو) لم يتم الواجب إلاَّ (بإخلال بواجب) في الحواشي لعله مثل الخروج بإتلاف شيء حال الخروج يعني من مال الغير (ولا) أمكن (ترك القبيح إلا بقبيح) كما إذا علم من حال زيد أنه لا يترك الزنا إلا بإعطائه الطنبور يعزف فيها (فالترجيح) بين هذه الأشياء فما كان مصلحته في نظر المجتهد أرجح فُعِل، وما كان مفسدته أرجح تُرِك.

  قال الشيخ لطف الله: وذكر هذه المسألة هنا إستطراداً لنوع إيصال بينَه وبين مقدمات الواجب المذكورة.

فصل: [في استحالة كون الشيء واجباً وحراماً من جهة واحدة]

  (ويستحيل كون) الشيء (الواحد واجباً) للأمر به (حراماً) للنهي عنه مثاباً لفعله معاقباً لتركه (من جهة واحدة) للمضادة بين الوجوب والحرمة (إلا عند مجوز تكليف ما لا يطاق) وقوله: (عقلاً وشرعاً) متعلق بمجوز أي إلا المجوزين له عقلاً وشرعاً فإنه لا يستحيل عندهم، وهو احتراز عمن يجوزونه عقلاً لا شرعاً، وقد سبق إلى ذهن بعضهم أنه متعلق بيستحيل وهو خلاف ما نص عليه القطب في شرح المنتهى، وإنما منعه من يجوزه عقلاً لا شرعاً؛ لأن هذا ليس تكليفاً بالمحال، بل تكليف هو محال في نفسه؛ لأن معناه الحكم بأن الفعل يجوز تركه ولا يجوز.

  (ومنه) أي ومما اتحدت جهته: (الصلاة في الدار المغصوبة عند أئمتنا، وأحمد) بن حنبل، (والظاهرية، وجمهور المتكلمين) كأبي علي وابنه (وإحدى الروايتين عن مالك) وإنما كان منه (لاتحاد المتعلق) أي متعلق الوجوب والتحريم؛ لأن الكون في الحيز واحد في الصلاة والغصب مما هو مأمور به؛ لكونه جزءاً للصلاة المأمور بها، ومنهي عنه لكونه نفس الغصب، فهو ذاتي للصلاة بمعنى جزء الماهية، وللغصب بمعنى نفس الماهيَّة، فيتحد متعلق الأمر والنهي، وفي دعوى اتحاد الجهة نظر؛ لأن جهة الأمر الصلاة وجهة النهي الغصب، واتحاد المتعلق عين اتحاد الجهة، فعلى هذا أئمتنا ومن معهم