الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

فصل: [في الرخصة والعزيمة]

صفحة 265 - الجزء 1

  وإذا أطلق اللفظ في العبادات وفي المعاملات فاعلم أنه (إنما يتناول الخطاب الصحيح) لا الفاسد، فلو أذن السيد مثلاً لعبده بالنكاح لم يتناول إلا الصحيح، ولهذا لا يقتضي النكاح الفاسد الإحلال كقوله تعالى {حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ}⁣[البقرة: ٢٣٠]، إذ هو خطاب مطلق فيحمل على الصحيح، ولا الإحصان ولا اللعان ولا الإحداد.

فصل: [في الرخصة والعزيمة]

  (والرخصَة) بتسكين الخاء في اللغة عبارة عن التيسير والتسهيل، ومنه يُقال: رخص السعر إذا تيسر وتسهل.

  وأما في الشرع: فهي (ما شُرع للمكلف فعله) كأكل الميتة (أو تركه) كترك الصوم في السفر (لعذر مع قيام المحرم أو الموجب) أي دليل الحرمة أو الوجوب أي بقائه معمولاً به (لولاه) أي لولا العذر.

  ومعنى العذر: ما يطرأ على المكلف فيمنع حرمة الفعل أو الترك الذي دل الدليل على حرمته.

  ومعنى لولا العذر: أي المحرم كان محرماً، والموجب كان موجباً، أي كان كل منهما مثبتاً لمدلوله في حقه لولا العذر، فهو فقد لوصفي التحريم والوجوب لا للقيام.

  وخرج من الرخصة الحكم ابتداء؛ لأنه لا محرم، وخرج ما نسخ تحريمه؛ لأنه لا قيام للمحرم، حيث لم يبق معمولاً، وخرج ما خص من دليل المحرم؛ لأن التخلف ليس لمانع في حقه بل التخصيص بين أن الدليل لم يتناوله، وخرج أيضاً وجوب الإطعام في كفارة الظهار عند فقد الرقبة؛ لأنه الواجب ابتداء على فاقد الرقبة، كما أن الإعتاق هو الواجب ابتداء على واجدها، وكذا خرج التيمم على فاقد الماء لأنه الواجب في حقه ابتداء، بخلاف التيمم للخروج ونحوه.

  (وثبوتها) أي الرخصَة (بخطاب التكليف) نحو قوله تعالى {إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ}⁣[الأنعام: ١١٩]، وقوله ÷ «إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه»، ومن ثَمَّ انقسمت إلى الواجب وغيره، كما ستقف عليه إنشاء الله، (لا) أن ثبوتها بخطاب (الوضع، خلافاً للآمدي) قال سعد الدين: جعل الآمدي أصناف خطاب الوضع ستة: الحكم بالسببية، والشرطيَّة، والمانعية، والصحَّة والبطلان، والسادس العزيمة والرخصة. انتهى.

  فهي عنده خطاب الوضع بمعنى أن الشارع نصب الضرورة وخلافها علاقة الفعل أو الترك، هكذا ذكره المؤلف في الحواشي، ولا يخلوا عن نظر؛ لأن الضرورة سبب، ولا كلام فيها، وإنما أراد