الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

فصل: [في المحكوم به]

صفحة 267 - الجزء 1

  قال الشيخ لطف الله: وكان المقصود من هذا الكلام أنه لا دليل قد يرفع الحرج عن مرتكب الحرام لشبهة كالوطئ للأجنبية غلطاً، مع أن ذلك لا يسمى رخصة، والفرق بينهما واضح؛ إذ الرخصة ما شرع للمكلف الخ، وهذا لم يشرع له عذر بعد الوقوع في الأمر للشبهة.

  (والعزيمة) القصد المصمم، يقال: عزم أمره أي قطع وحتم.

  وفي الاصطلاح: (ما ألزم المكلف) خرج بهذا ما عدا الواجب والمحرم (من الأحكام فعلاً أو تركاً لا لعذر) خرجت الرخصة الواجبة، (ولا ينحصر الحكم في العزيمة والرخصة؛ إذ لا يدخل المندوب والمباح والمكروه في العزيمة) بل ولا جميع الواجب والمحرم كما قاله سعد الدين في الحاشية، وأشار إليه في التلويح من أن الحق أن الفعل لا يتصف بالعزيمة ما لم يقع في مقابله الرخصَة، (خلافاً للقرشي) ذكره في عقده، (وبعض الأشعرية) كالسبكي والعضد فجعلوها مقابلة للرخصة، قال في الحواشي وهو ضعيف جداً؛ لأن زعمهم أن العزيمة مشتملة على الأحكام الخمسة مما لا يساعدهم عليه البحث اللغوي، قال في القاموس ما لفظه: وعزائم الله فرائضه التي أوجبها.

فصل: [في المحكوم به]

  لما فرغ من بيان الحكم والحاكم شرع في بيان المحكوم فيه، فقال:

  (والمحكوم فيه الأفعال) التي تتعلق بها الأحكام، وقد دخل في هذا التروك عند الجاعل للمطلوب بالنهي فعلاً، وهو كف النفس وستعرفه إنشاء الله، وأما عند الباقي فلا بد من أن يقال: الأفعال والتروك، وكأنه اكتفاء للعلم به هذا إذا أريد بالمحكوم فيه المكلف به، كما يدل عليه كلام أهل الأصول وكلام المصنف حيث قال: ويشترط في التكليف بها ... الخ.

  قال الشيخ لطف الله: وعلى هذا لا يكون الفعل المحرم كالزنا مثلاً محكوماً فيه أو ليس مكلفاً به بل مكلفاً بتركه، إلاَّ أن يقال: المراد بالمكلف به ما كلف بفعله أو تركه.

  (ويشترط في التكليف بها عند أئمتنا والمعتزلة وجمهور الأشعرية) كابن الحاجب وغيره (تعريفها) بأن يُعْلِمَ المكلِّفُ - بكسر اللام - ذلك المكلَّفَ بفتحها لما كلف به ليتمكن من إيجاده، (ومن ثَمَّ) أي ومن جهة اشتراط تعريفها (امتنع التكليف بما لا يعلم، خلافاً للرازي) ولم أجده في محصوله.

  قال الشيخ لطف الله: إلا أنه يلزمه القول بذلك؛ لأنه جوز التكليف بالمحال، وجعل تكليف العاقل منه، وجعل حكم تأخر البيان عن وقت الحاجة حكم تكليف العاقل كما يدل عليه