فصل: [التكليف بما علم الآمر انتفاء شرط وقوعه]
  الأمر المشترك بين هذه الأقسام، وهذه الأقسام حادثة، (وأثبته) أي وصف الخطاب بما ذكر أولاً (غيرهم) أي غير الكلابية، وأجابوا بمنع الاستحالة، وأنه محل النزاع.
  قالوا: وما ذكرتموه مجرداً استبعاد في محل النزاع وأنه لا يحوي نفعاً.
  (واختلف العلماء في كيفيَّة دخوله) أي المعدوم (في حكم خطاب الموجود الحادث)، مثل قوله تعالى {يَا أَيُّهَا النَّاسُ}[البقرة: ٢١]، {يَا عِبَادِيَ}[العنكبوت: ٥٦]، ونحوهما، (فقيل: يعمهم) بنفس الصيغة (حقيقة) والقائل بذلك الحنابلة كما سيأتي إنشاء الله تعالى.
  وقال (بعض أئمتنا) وهو السيد ما نكديم نص عليه في شرح الأصول الخمسَة: (وهي الحقيقة العرفيَّة) فقط، فأمَّا اللغويَّة فلا يفهم منها ذلك، وذلك (كالوصية للأولاد) فإنه إذا أوصى لأولاده فكأنه خطاب من سيوجد عرفاً، وقد غلط المصنف في الحواشي حيث قال: فإنه إذا أوصى لأولاده ما تناسلوا ... الخ فإن هذا يعمهم تنصيصاً.
  (وقيل): يدخل من سيوجد (مجازاً) من تغليب الموجودين على المعدومين من باب إطلاق الأخص على الأعم، فيكون من المجاز المرسل؛ لأن العلاقة غير المشابهة.
  (وقيل): يدخل من سيوجد (بالقياس) بجامع التكليف، والقائل بذلك المهدي، وسنبين إنشاء الله تعالى حجج المسألة في باب العموم؛ إذ ذلك محل إيرادها.
فصل: [التكليف بما علم الآمر انتفاء شرط وقوعه]
  قد اختلف الناس في جواز التكليف بما علم الآمر انتفاء شرط وقوعه عند وقته، فأراد المصنف بيان ذلك بعد تقديم جواز ذلك مع جهل الآمر فقال:
  (ويصح التكليف بالشيء عند جهل الآمر والمأمور بانتفاء شرط وقوعه عند وقته اتفاقاً) كأن يقول السيد لعبده: افعل كذا غداً، مع فرض أن الغلام يموت قبل بلوغه الغد، والآمر والمأمور جاهلان لذلك، [لكونه أمراً لا محالة، وتقييد التعليق بالمأمور وتعقل كونه طلبياً من جهة السيد، ولهذا أن العبد يتهيأ للإمتثال](١).
(١) ما بين القوسين زيادة من هامش النسخة (أ) وصححه.