تنبيه
  (أو) وروده في الكتاب (لمصلحة علمها الله تعالى) قال في الحواشي: وهذا إنما يستقيم على أصل من يقول من أهل العدل أن المتشابِه أو بعضه لا يعلمه إلاَّ الله تعالى، وقد يقال: نحن وإن جهلنا المصلحة، فلا يمنع جهلها عرفان معناه، بل يعرف معناه ويجهل المصلحة في وروده في القرآن.
تنبيه
  اعلم أن في أفعاله ما يكتفي فيها بمعرفة حكمته تعالى، وإن لم تعلم الحكمَة بعينها في كل فعلٍ، ولهذا أجَاب على الملائكة $ لما قالوا {قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ}[البقرة: ٣٠]، بقوله تعالى {إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ٣٠}[البقرة: ٣٠].
  وأما أقواله تعالى فهل يكتفى فيها بمعرفة الحكمة فخطابه كافٍ، وأنه مراد بها معنى جملي بحيث لا نعلمه، أو لابد من فهم معناها، وإلا كان الخطاب عبثاً، فمنشأ الخلاف من هنا ولذلك قال:
فصل: [في معرفة معنى المتشابه]
  اختلف الناس في المتشابه هل هو يمكن الإطلاع على علمه أو لا يعلمه إلا الله؟:
  ومبنى ذلك على قوله تعالى {وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ}[آل عمران: ٧]، هل هو معطوف، و {يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ}[آل عمران: ٧]، حال، أو مبتدأ خبره يقولون، والواو للاستئناف.
  فقال (بعض السلف) منهم مجاهد وهو روايته عن ابن عباس، فإنه أخرج ابن المنذر من طريق ابن المنذر عنه في قوله {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ}[آل عمران: ٧]، الآية، قال: أنا ممن يعلم تأويله.
  والضحاك: أخرجه عنه الحاكم وابن أبي حاتم.
  (وأئمتنا) الظاهر أنه عطف على السلف فيكون التقدير وبعض أئمتنا، ودليله التصريح به في المسودة؛ ولأن أمير المؤمنين # وهو رأس الأئمة قد روي عنه الثاني، ولاختيار الإمام يحيى في الحاوي، سنعرفه من قول الهادي، ويحتمل أنه معطوف على بعضٍ، وما روي عن الهادي لا يعد في الدعوى؛ لأنه قد حكم بعلم المتشابه في الجملة، وفي الحواشي بعد قوله أئمتنا منهم علي وزيد بن علي والإمام المرتضى، (والجمهور) من الأصوليين منهم ابن الحاجب فإنه قال: هو الظاهر، وقال النووي في شرح مسلم: إنه الأصح، وعزا هذا القول في الإتقان إلى الأقل عكس ما قاله المؤلف: (ويعلم الراسخون) في العلم (تأويله) أي ما يؤول أي يرجع إليه من التأويل الحسن، وإنما قيل بذلك