فصل: في بيان الاختلاف في كمية مقتضى الأمر
  واجب ومباح؛ لأنه لو خير بين واجب ومندوب، لكان قد فسح في ترك الواجب؛ لأنه قد أبيح تركه إلى غيره، وكذلك المباح.
  وقد قيل: إن الله تعالى لما خير بين تقديم الزكاة لم يخير بين واجب ونفل، وإنما خير الإنسان بين أن يجعل نفسه عند حول الحول على الصفة التي يلزم معها الزكاة بأن لا يقدم الزكاة، وبأن يخرج نفسه عن هذه الصفة بأن يقدمها، والحق أنه إنما يخير بين التقديم والتأخير؛ لأن كل واحد منهما يسد مسد الآخر في المصلحة.
  وأمَّا امتناع التخيير بين المباح والمندوب أو بين القبيح والمندوب: فلأن الله لو خير بين مباح ومندوب لكان قد جعل للمكلف أن يفعله وأن لا يفعله من غير أن يرجح فعله على تركه، وذلك يدخل في كونه مباحٍ، ولو خير بين قبيح ومباح لكان قد فسح في القبيح تعالى عن ذلك.
  واعلم: أنه لا يجوز أن يخير الإنسان بين أن يفعل الفعل وبين أن لا يفعل إلا إذا كان مباحاً، ولهذا قيل: إن الإنسان إنما يخبر بين الصوم في السفر والصوم في الحضر، أو بين الصوم في السفر والعزم عليه في الحضر، فلم يحصل التخيير بين الفعل وتركه.
فصل: في بيان الاختلاف في كمية مقتضى الأمر
  (و) ذلك أن (الأمر) ينقسم إلى: (مطلق) أي غير مقيد بصفة ولا شرط، (ومقيد) والمقيد: إمَّا بمرة، أو بالتكرار فيحمل على ما قيد به، وأمَّا بغيرهما فسيأتي إنشاء الله تعالى.
  (فالمطلق): مختلف فيه هل يفيد التكرار أولا؟ على خمسة أقوال:
  [١] فهو (عند جمهور أئمتنا والأصوليين: للمرة بوضعه، لا للتكرار إلا لقرينة) تدل على التكرار نحو: أكرم والديك؛ إذ كونهما والدين يقتضي استمرار الإكرام.
= لأن فاعله فاعل للواجب فقط، كذا حققه، وهو تحقيق جيد، لكن في نفسي منه شيء، وأظن أهل المذهب يقولون: إن من أتى بسنن الصلاة أثيب ثواب مندوب لا ثواب واجب، وتصريحاتهم تأبى قوله، وإن كان تحقيقاً جيداً، والله سبحانه أعلم. تمت من هامش النسخة (أ).