الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

فصل: في حكم الأمر المقيد بتأبيد أو شرط أو صفة، في التكرار وعدمه

صفحة 386 - الجزء 1

  وجوب القضاء في وقته⁣(⁣١)؛ لأن المأمور به فعل يأتي به المكلف، والوقت وإن كان من ضروراته فليس من ذاتياته حتَّى يكون اختلاله مؤثراً في سقوطه.

  قلنا: الأمر إنما يتناول الفعل في الوقت الذي عين له لا بعده، فالمأمور به فعلٌ واقع في ذلك الوقت، فإيقاعه في ذلك الوقت مأمورٌ به، فعند اختلاله لا يبقى المأمور به، ولا يمتنع أن تتعلق المصلحة بذلك الوقت دون غيره.

  قالوا: أيضاً الفعل مع الوقت كالدين مع الأجل؛ لأنه لو قدم لم يعتد به، بخلاف أداء الدين.

  (والأمر بالأمر بالشيء) كما إذا أمر امرءاً مكلفاً أن يأمر غيره بشيء (ليس أمراً به وفاقاً للجمهور) من العلماء، (وسواء كان) الأمر بالأمر بالشيء (بلفظ «مُر») نحو قوله ÷ «مروهم بالصلاة لسبع»، (أو بغيره من صيغ الأمر) كقول الملك للوزير: قل لفلان يفعل كذا، فإنه ليس أمراً من الأمر لذلك الغير بذلك الشيء.

  قلنا: لو كان كذلك لكان قولك للغير: مر عبدك بكذا تعدياً؛ لأنه أمر لعبد الغير، ولكان مناقضاً لقولك للعبد: لا تفعل؛ لأنه أمر له ونهى وليس في ذلك تعدياً ولا تناقضاً قطعاً واتفاقاً.

  قالوا: يفهم ذلك من أمر الله رسوله أن يأمرنا، ومن قول الملك لوزيره: قل لفلان افعل كذا.

  قلنا: إن الفهم ثَمَّ لقرينة تدل عليه وهي العلم بأنَه مبلغ لأمر الله وأمر الملك، وليس الغرض أمرهما بالأمر من قبل نفسه الذي هو محل النزاع.

فصل: في حكم الأمر المقيد بتأبيد أو شرط أو صفة، في التكرار وعدمه

  ولو قدمه عند ذكر الخلاف في اقتضاء الأمر المطلق للمرة أو للتكرار أو غيرهما لكان أنسب.

  (و) ذلك أنَّ الأمر (المقيد بالتأبيد) نحو: افعل هذا أبداً (يقتضي الدوام) بصريح لفظه، وحكى المهدي في معياره خلافاً لأبي عبد الله في ذلك، واحتجاجاً له على عدم اقتضائه التأبيد بما روته اليهود عن موسى # (تمسكوا بالسبت أبداً) ولم يدم التمسك.

  قال الإمامُ الحسن: والأقرب أن أبا عبد الله لا يخالف في ذلك كما يشهد به سياق احتجاجه، وأن ما أراد إلا جواز دخول النسخ فيه، ولا معنى لعدِّهِ من مواضع الخلاف، وجعله مسألة


(١) صواب العبارة: إذا فات في وقته، فتأمل، تمت.