فصل: في بيان معنى الإجزاء والخلاف فيه
  الكلية المنافية للوجود العيني ليست قيداً فيها ولا شرطاً لها، ولا يلزم أن يكون المطلوب هي الجزئي من حيث هو جزئي كما ذكره المصنف، ولا المشترك بالمعنى الذي يقابل الجزئي ولا يصدق عليه كما فهمه الخصم؛ لكون المطلوب هو الماهية، بل المطلوب الذي يصدق على الشخص وعلى المتعدد.
  فإن قيل: الجزئية والكلية متنافيتان، فعدم اعتبار أحدهما يوجب اعتبار الآخر، لئلا يلزم اعتبار النقيضين.
  قلنا: عدم اعتبار أحدهما غير ارتفاعهما، واللازم هو الأول، والمحال هو الثاني.
فصل: في بيان معنى الإجزاء والخلاف فيه
  قال في الحواشي: وهو غير الخلاف في الصحة؛ لأن الكلام هاهنا أخص وهناك أعم في العبادات وغيرها، فعلى هذا فالإجزاء هو الصحة في العبادات.
  قال (أئمتنا والجمهور) من العلماء: (والإتيان بالمأمور به يفيد الإجزاء؛ إذ) الإجزاء (هو وقوع الفعل على وجه يخرج به عن عهد الأمر) وإنما يحصل الإتيان بالمأمور به إذا أتي بالفعل جامعاً للشروط التي اقتضى الأمر إيقاعه عليها، وإذا أتي به كذلك فقد وقع الفعل على وجه يخرج عن عهدة الأمر.
  وقال (أبو هاشم والقاضي) عبد الجبار (والحاكم): الإتيان بالمأمور (لا يفيد، إذ هو وقوع الفعل على وجه يسقط القضاء) وليس كل إتيان بالمأمور يسقط القضاء، بدليل أن المصلَّي بظن الطهارة إذا تبين كونه محدثاً وجب عليه القضاء، مع أنه قد أتى بالمأمور به وهو الصلاة بظن الطهارة؛ إذ لو كان المأمور به الصلاة بيقين الطهارة لكان آثما لمخالفته المأمور به والإتيان على خلافه.
  قال (المنصور) بالله (والحفيد: بل) الإجزاء الخروج عن عهدة الأمر على حد لا يتبعه لزوم القضاء، فهو حينئذ (مجموعهما) فيفيده.
  قال في الجوهرة: والذي يدل على ذلك: أن أهل الأصول والفروع متى علموا أن المكلف قد خرج عن عهدة الأمر بحيث لا يلزمه القضاء وصفوا فعله بالإجزاء، وإن فقد كل أمر سوى ذلك، ومتى لم يعلموا ذلك من حال الفعل لم يصفوه بالإجزاء، فيجب أن يكون معنى الإجزاء ما ذكرنا.
  واستدل على أن الإتيان بالمأمور به يفيد الإجزاء - بمعنى مجموع الأمرين - بأن من يخالف ذلك: إمَّا أن ينازع في الشق الأوَّل، أو في الشق الثاني، وكلاهما ظاهر السقوط؛ لأن المكلف إنما يكون مأخوذاً