فصل: [في تقسيم النهي واقتضائه الفساد]
  فقال (أئمتنا والجمهور: ويقتضي الحظر بعد الوجوب إلا لقرينَة) تقتضي عدم الحظر من إباحةٍ أو كراهَة.
  (وقيل) ليس كذلك (بل) يقتضي بعد الوجوب (الإباحة) فهؤلاء طردوا أصلهم في أن الأمر يقتضي الإباحة بعد الحظر، كذلك هنا.
  (وقيل) لا يقتضي بعده الحظر ولا الإباحة (بل الكراهة).
  (وتوقف الجويني) في مقتضاه بعد الوجوب، قال: أما أنا فأستحب الوقف عليه كما قدمته في صيغة الأمر بعد الحظر.
  لنا: أنا قد ذكرنا أنه مفيد للتحريم وتقدم الوجوب لا يضر خللا فيما هو مفيد له بأصل وضعه وهو التحريم، فلهذا كان مفيداً له إلا عند قرينة تصرفه عن ذلك.
  قالوا: تقدم الوجوب قرينة على الإباحة أو الكراهَة على اختلاف رأيهم.
  قلنا: لا نسلم كونه قرينة لأيهما.
فصل: [في تقسيم النهي واقتضائه الفساد]
  في بيان تقسيم النهي إلى المنهي عنه لعِينه أو وصفه أو أمر خارج، ويترتب على ذلك التقسيم الكلام في اقتضائه الفساد وعدمه.
  (والنهي عن الشيء) إذا كان النهي هو النهي (المقتضي للحظر) لا المقتضي لغيره من سائر الأمور الثمانية؛ إذ لا يتعلق به صحة ولا فساد، فلا كلام لنا فيه الآن.
  (إما) أن يكون النهي عنه (لعينه) أي يكون المقتضي للمنع عين المنهي عنه (وهو ما نهى فيه عن الجنس كله؛ لأنه منشأ المفسدة كالظلم) فهو منهي عن جنسه كله.
  (أو) يكون النهي (لوصفه: وهو ما نهي عنه بعض الجنس لوصف) أي المقتضي للمنع عن المنهي عنه وصف فيه (يلازمه) حال إيجاده (كالصلاة في المنزل الغصب) في العبادات، فإنها حال فعلها لا يفارقها كونها في المنزل الغصب؛ إذ أجزاؤها أكثرها الأكوان فيه، (و) كذا (بيع الغرر) في المعاملات، فإنّه لكونه واقعاً على وجه الغرر لا يفارقه الغرر، والوصف المقتضي للمنع فيهما هو الغصب في الأوَّل والغرر في الثاني.