فصل: [في النهي هل يدل على الفساد أم لا؟]
  (أو) يكون النهي عنه (لغيرهما) أي لغير العين والوصف (وهو ما نهى عنه لأمر خارج عنهما يقارنه تارة ويفارقه تارة أخرى كالبيع) المنهي عنه (وقت نداء الجمعة) لقوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ}[الجمعة: ٩]، فإن الأمر بترك البيع يقتضي ما يقتضيه النهي عنه من المنع من فعله، فله حكم النهي فالمقتضي للنهي عن البيع وقت النداء أمر خارج عن العقد، وهو تفويت صلاة الجمعة لا بخصوص البيع؛ إذ الأعمال كلها كذلك، وهو قد يقارن البيع بأن يقع التفويت في وقت البيع، وقد لا يقارنه بأن يقع التفويت بغير بيع.
  (ويدل النهي في الأوَّل) وهو المنهي عنه لعينه (على القبح) كما هو مقتضي النهي كما تقدم (مؤكداً) لما اقتضاه العقل (في العقليات) نحو: لا تظلم، لا تكذب، (و) يدل (عليه) أي القبح (وعلى الفساد في الشرعيات).
  وفي الحواشي: اعلم أن هذه المسألة فيها دقة كما قاله الإمام يحيى، وأمثلة العبادات في القسم الأوَّل لم تتضح لي، وعبارة الإمام يحيى تقتضي أنها لا تكون إلا في المعاملات فقط، فينظر في أمثلتها.
  وحاصل ما فهمت: أن المنهي عنه لعينه في الشرعيات هو المنهي عنه تعبداً، وهو ما لا تظهر علة النهي عنه، وقد مثل على أصل أبي القاسم بالسجود لغير الله، والمنهي عنه لوصفه بما ظهرت علة النهي فيه، فيصح أن يلحق به غيره إن وجدت العلة فيه، ولذا اختلف في تحريم آنية الذهب والفضّة هل للعين وهو المختار، فلا يلحق بهما غيرهما، أو للخيلاء فيحل استعمالها إذا غشا، وتحريم آنية النحاس والخشب المزخرف إلحاقاً لهما بآنية الذهب والفضة بجامع الخيلاء كما ذكره في البحر.
  قالت (الأشعرية: والخلاف فيه) أي في المنهي عنه لعينه (كالثاني) أي كالمنهي عنه لوصف؛ لأنهم لم يثبتوا التحسين والتقبيح العقليين.
فصل: [في النهي هل يدل على الفساد أم لا؟]
  (ولا يدل) النهي (في الثاني على الفساد، لا لغة ولا شرعاً، لا في العبادات) قال في الحواشي، قال في الذريعة: وهي الطاعة التي تؤدَّى مع ضربٍ من التواضع والخضوع، على الوجه الذي أمر، مع علمه بأحوال المعبود، كالصلاة والصوم والوضوء، (ولا في غيرها) من سائر الأمور الشرعية،