الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

فصل: [في النهي بمعنى الكراهة]

صفحة 411 - الجزء 1

  قلنا: لا نسلم أن الفساد مقتضى النهي، سلمنا، فهو مدفوع بعلمنا أن النهي عن المفارق للشيء لا يدل على فساد ذلك الشيء.

  (وحظ الأصولي) من مسالة هل النهي يقتضي الفساد أو لا؟: (معرفة انحصار المناهي في الثلاثة) وهو المنهي عنه لعينه ولوصفه ولأمرٍ خارج (و) حظه (تميز كل منها عن الآخر جملة) بذكر حدودها (فأما النظر في آحاد الصور الجزئية من أي الأخيرين هي) وإنما لم يقل من أي الثلاث؛ لأن الأولى ظاهرة؛ ولأن السمع إنما يكون مؤكداً في الأوَّل، ولا مجرى له في الفروع، (والحكم عليها) أي آحاد الصور الجزئية (بأحد الأقوال المتقدمة) من أن هذه الصورة يقتضي النهي فيها الفساد أو لا يقتضيه أو يفصل: فيها؟ (فموكول إلى نظر الفقيه) ولا مدخل للأصولي في ذلك؛ إذ لا بحث للأصولي عن أحوال أفعال المكلفين من حيث الوجوب والحرمة والصحة والفساد كما تقدم، حتَّى يكون إثبات أن هذه الصورة عليه يقتضي النهي فيها الفساد أو لا يقتضيه، وقد تقدم ما إذا أعدته إلى هنا نفعك.

  (ولذلك) أي ولأجل أن ما هذا حاله موكول إلى نظر الفقيه (تختلف أنظار الفقهاء في كثير من صور الفروع) فمن يجعل النهي مثلاً في بعض الصور لوصفه يحكم بفساده، ومن يجعله لأمرٍ خارج يحكم بأنه لا يقتضي الفساد، مثلاً من يحكم بحل ذبيحة الغاصب ممن يقول النهي يقتضي الفساد في المنهي عنه لوصفه يقول النهي عنه لأمر خارجٍ وهو تفويت مال الغير، ومن يقول بتحريمها يقول النهي عنها لوصفها وهي كونها ذبيحة غاصب ونحو ذلك، والله أعلم.

فصل: [في النهي بمعنى الكراهة]

  لما حدث معنى نهي الكراهة من نهي القبح تعرض السيد | لذكره فقال:

  (وأمَّا نهي الكراهة: فيدل على مرجوحية المنهي عنه) بمعنى أن فعل الطاعة في غير موضع النهي راجح، فالأمر بالصلاة يقتضي المصلحة مطلقاً، والنهي عنها في مكان مخصوص كمعاطن الإبل وبطون الأودية والحمام وبين المقابر يقتضي أن تكون المصلحة في غير ذلك المكان راجحة، (لا) أنه يدل (على فساده) لأنه لو دل على الفساد لم يصح ما نهي عنه، وقد نص الأئمة على صحته، فدل على أن المقصود بالنهي فيه المرجوحية فقط، وذلك (كالنهي عن الصلاة في الأماكن المكروهة) كما قدمنا بيانها.