الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

فصل: في بيان متعلق النهي

صفحة 414 - الجزء 1

فصل: في بيان متعلق النهي

  وقد أشار إلى ذلك بقوله: (والنهي قد يكون عن شيء واحد) نحو: لا تفعل كذا، (أو عن شيئين فصاعداً) وفيه أربعة أقسام؛ لأنه:

  [١] (إما) أن يكون (على الجمع) وهو أن يعمد الناهي إلى أشياء فينهى عن جميعها، (ويحسن) النهي على الجميع (إن أمكن الخلو عنهما) أي الشيئين (نحو لا تقتل ولا تزن) فإنه يمكن الخلو عنهما جميعاً بأن لا يفعل القتل والزنا، (و) يقبح النهي على الجمع (إن لم يمكن) الخلو عن أحدهما، أو كان لا يقدر على فعل شيء منهما، أو لا يمكنه الخلو عن جميعها.

  فالأول: (نحو) أن تقول: (لا تحرك ولا تسكن).

  والثاني: نحو: لا يوجد السواد والبياض.

  والثالث: نحو: اركع ولا تحدث حركة ولا اعتماداً.

  وقبح النهي في هذه الأشياء: أما في الأول والثالث فلأن فيه تكليفاً بما لا يطاق، أما الثاني فلأنه عبث.

  [٢] (و) إما أن يكون (عن الجمع) والمراد به أن لا يجمع بين شيئين ولا حرج في فعل أحدهما، (و) ما هذا حاله فإنَّه (يحسن إن أمكن كالنهي عن الجمع بين الأختين) فإنه يمكن الجمع بينهما، (ويقبح) النهي عن الجمع (إن لم يمكن) الجمع بينهما، أو لا يمكنه الخلو عن جميعهما، أو لا يمكنه الخلو من أحدهما.

  فالأول: (كالنهي عن الجمع بين القيام والقعود).

  والثاني: كالنهي عن الجمع بين الحركة والاعتماد مع الأمر بالركوع.

  والثالث: كالنهي عن الجمع بين الحركة والسكون.

  وإنما قبح ما هذا حاله: أمَّا الأوَّل فلأن النهي عنه عبث يجري مجرى نهي الهاوي من شاهق عن الاستقرار في الهواء.

  وأما الثاني والثالث فلأنه نهي عما لا يطاق.

  [٣] (وإما) أن يكون النهي (على البدل) وهو النهي على التخيير.

  قال أبو الحسين: وذلك بأن يكون كل واحد منهما مفسدة عند وجود الأجود، وهذا يرجع إلى النهي عن الجمع بينهما. انتهى؛ لأنه إذا نهاه على البدل فهو في الحقيقة نهي عن الجمع.