فصل: [في عموم الأشخاص وما يستلزم]
  (ولا عموم في الأفعال) سواء علم وجهها أو لم يعلم، (لأنه) أي (لا ظاهر لها) أي للأفعال تعرف به الأحكام، وإنما نستفيد أحكامها من وجوب أو ندب أو إباحة أو حظر بما يقترن بها، وليس في صورها ما يدل على ذلك، ألا ترى أن السجدة لله تعالى ولغيره في الصورة سواء، فيكون الواجب في صورة القبيح، فانتفى أن يكون لها ظاهراً، (فيدخله الشمول) حتَّى يوصف به فيكون عاماً، (أو الوحدة) فتوصف بها حتَّى يكون خاصاً، وإذا انتفى اللازم وهو الظهور انتفى الملزوم وهو الشمول.
  مثال ذلك: لو أمر ÷ بقتل رجل فإنه يحتمل أنه قتله لردته أو قصاصاً أو للزنا، وليس للفعل ظاهر في أحدها ولا في جميعها، فلذلك لم يكن عامّا.
  (خلافاً للمنصور) بالله (وأبي رشيد) وقد ادعى القاضي فخر الدين الإجماع على عدم العموم فيها، (وهو) أي الخلاف خاصة وإن أريد شمول أمر لمتعدد يعم الألفاظ (لفظي) بمعنى أنه عائد إلى اللفظ والتسمية.
  أمَّا الأولى: فلأنه إن أريد بالعموم استغراق اللفظ لمسمياته على ما هو مصطلح الأصوليين فهو من عوارض الألفاظ وخاصة المعاني، وإن أريد شمول أمر لمتعدد عم الألفاظ والمعاني، وإن أريد شمول مفهوم الأفراد كما هو مصطلح أهل الإستدلال اختص بالمعاني في وصف المعاني بالعموم وعدم وصفها حقيقة أو مطلقاً أوالوقف.
  (ولا) عموم (في التروك أيضاً) لأنه لا ظاهر لها، ومن ثَمَّ قالوا: الشهادة على النفي لا تصح، والله أعلم.
فصل: [في عموم الأشخاص وما يستلزم]
  (وعموم الأشخاص يستلزم عموم الأحوال والأزمنة والأمكنة) لأنها لا غنى للأشخاص عنها، فقوله تعالى {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ}[النور: ٢]، أي على أي حال كان، وفي أي زمان ومكان كان، وقوله {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا}[الاسراء: ٣٢]، أي لا يقربه كل منكم على أي حالٍ كان، وفي أي زمان، ومكان كان، وقوله تعالى {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ}[الأنعام: ١٠٣]، أي على أي حالٍ، وفي أي زمانٍ، وفي كل مكان، (إلا بتخصيص) كما في قوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ}[البقرة: ١٨٣]، فإن وجوبه عام لأشخاص المكلفين، ويستلزم عموم الأحوال مثل حال الحيض والنفاس لولا المخصص لهما، ويستلزم عموم الزمان كزمان السفر لولا المخصص مثل: أمن امبر امصيام في امسفر، ليس من امبر مصيام في امسفر.