فصل: [ألفاظ العموم]
  فهاهنا قرينة تدل على أن المراد ما يملكه من المدائن، (و) كذلك (جمع الأمير الصاغة) فهاهنا قرينة تدل على أن الأمير لم يجمع صاغة الأرض إنما أراد صاغة بلده.
  (وأما عقلاً) وذلك (كما إذا علق الشارع حكماً على علة، فعمومه في كل ما ثبتت فيه) تلك العلة (بالعقل لا باللفظ على الأصح) من القولين، وقال ابن الحاجب: بل عمومه بالشرع (كما يأتي) في باب القياس بعون الله ومشيئته (نحو: حرمت السكر لكونه حلو) فإن ترتيب الحلاوة على التحريم يشعر بأنه علة له، والعقل يحكم بأنه كلما وجدت العلة يوجد المعلول، وكلما انتفت انتفاء.
  وقال (الباقلاني: لا يعم مطلقاً) أي لا لفظاً ولا عقلاً، (ومنه) أي من العموم المستفاد من العقل (مفهوم الموافقة عند من جعله قياساً) لأنه عند من يجعله من باب القياس يكون الكلام عليه كما إذا علق الشارع حكماً على علة لا من لم يجعله قياساً، فدلالته لفظية، وجعل صاحب الجمع مفهوم الموافقة مما يعم اللفظ عرفاً نحو قوله تعالى {فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ}[الاسراء: ٢٣]، {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا}[النساء: ١٠]، فعنده أن العرف نقلها إلى تحريم جميع الإيذاءات والإتلافات، وجعله كقوله تعالى {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ}[النساء: ٢٣]، فإن العرف نقله عن تحريم العين إلى تحريم جميع الاستمتاعات (لا مفهوم المخالفة) فليس من العموم المستفاد من العقل (في الأظهر) من القولين نظراً إلى أن الشارع لم يعلق الحكم فيه على علةٍ كما في الأول، بل استفيد فيه ذلك من اللفظ، والمثبت نظر إلى أن دلالة اللفظ على ما عدا المذكور بخلاف حكمه بالمعنى المعبر عنه هنا بالعقل، وهو أنه لو لم ينف المذكور الحكم عما عداه لم يكن لذكره فائدة، كما في حديث الصحيحين «مطل الغني ظلم» بخلاف مطل غيره.
فصل: [ألفاظ العموم]
  (وتنقسم ألفاظه) أي ألفاظ العموم (عند من يثبتها) ومنهم من ينفيها كما سيأتيك (إلى متفقٍ على عمومه) وضعاً، (و) إلى (مختلفٍ فيه):
  (فالأوَّل) وهو المتفق على عمومه وضعاً (مَن: للعقلاء) الذكور والإناث، ولا تفرد لغير العقلاء خلافاً لقطرب، بل تقع على ما لا يعقل تغليباً كقوله تعالى {فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ}[النور: ٤٥]، وذلك لأنه تعالى كما قال {فَمِنْهُمْ} والضمير راجع إلى كل دابةٍ، فغلب العقلاء في الضمير، ثُمَّ بني على هذا التغليب فقال {مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ} و {مَنْ يَمْشِي