فصل: اختلف في العام بعد تخصيصه هل هو حقيقة أو مجازا
  تراب المعدن، وكحديث جابر في سنن النسائي (قضى) رسول الله صلى الله (بالشفعة للجار) ولفظ النسائي (قضى رسول الله ÷ بالشفعة والجوار)، وهو مرسل، ومعناه متفق عليه، ولفظ المصنف: قال غير واحد من المحدثين إنه لا يعرف، فهذا القول (يعم الغرر والجار) بصيغته، وهو حكاية حال، فيحمل على العموم.
  فإن قيل: لا خفاء أن حكمه إنما وقع في صورة مخصوصة فكيف يصح الحمل على العموم.
  قلنا: أما في الغرر فاحتمال العموم لجواز أن يصدر عنه النهي عن كل بيع فيه غرر، وأما في القضاء بالشفعة للجار فيحمل على أنه قضى بطريق يفهم منه العموم، حيث روى عدل عارف بما يتعلق بمعرفته المعاني الوضعية، وما يتعلق باستنباط الأحكام الشرعية، (وفاقاً للجمهور) من العلماء، (وخلافاً للإمام) يحيى (والأقلين) كالرازي فقالوا: لا عموم فيه، وفي العضد خلافاً للأكثرين.
  والحجَّة لنا: أنه عدل عارف باللغة وبالمعنى، فالظاهر أنه لا ينقل العموم إلا بعد ظهوره وقطعه، وأنَّه صادق فيما رواه من العموم، وصدق الراوي يوجب اتباعه اتفاقاً.
  واحتجوا: بأنه يحتمل أنه نهى عن غرر خاص، وقضى بشفعة خاصّه، فظن العموم باجتهاده أو سمع صيغة خاصَّة، فتوهم أنها للعموم، فروى العموم لذلك، والاحتجاج بالمحكي لا بالحكاية، والعموم في الحكاية لا في المحكي.
  قلنا: هذا الاحتمال وإن كان محتملاً في الذهن فليس بقادح؛ لأنه خلاف الظاهر من علمه وعدالته، والظاهر لا يترك للإحتمال؛ لأنه من ضرورته فيؤدي إلى ترك كل ظاهر.
فصل: اختلف في العام بعد تخصيصه هل هو حقيقة أو مجازاً
  فقال (جمهور أئمتنا و) جمهور (المتكلمين: وكل عموم خص فهو مجاز في الباقي مطلقاً) أي سواء خص بمتصل أومنفصل، قال القاضي فخر الدين عبد الله بن حسن: وهذا هو الذي يقضي به النظر وهو لائق بالمتكلمين.
  وقالت (الحنابلة وأكثر الفريقين): بل هو (حقيقة مطلقاً) أي سواء خص بمتصل أو منفصلٍ، قال القاضي فخر الدين: وهو لائق بطريقة الفقهاء.
  وقال أبو الحسن (الكرخي، وأبو الحسين، والغزالي، والرازي: إن خص بمتصل - من استثناء أو صفة أو شرط أو غاية - فحقيقة، وإن خص بمنفصل: - من عقل أو سمع - فمجاز).