فصل: [المخصص المنفصل المعنوي]
  وكذا مفهوم الموافقة حيث يكون أصله ظنياً، وأمَّا إذا كان أصله قطعياً فالقواعد تقتضي جوازه، ولم أعرف فيه نصاً لكنهم نصوا على أنه قطعي إذا كان أصله قطعياً، وكل ما كان قطعياً صح التخصيص به تخصيص العلمي به، (كما يخصصه المنطوق) سواء سواء لكونهما دليلين، وتخصيص مفهوم الموافقة، (نحو) قولنا: (كل من دخل داري فاضربه) فيعم كل داخل لصيغة مَنْ (وإن دخل أبي فلا تقل له أفٍ) فيفهم منه تحريم الضرب فيكون تخصيصاً للعموم السابق.
  (و) مثال التخصيص بمفهوم المخالفة: ما إذا قال الشارع (في الغنم زكاة) فإنه عام للسائمة والمعلوفة (ثُمَّ) ورد بعد ذلك (قوله في الغنم السائمة زكاة)، فإن مفهوم المخالفة وهو عدم وجوب الزكاة في المعلوفة تخصيص العام.
  (ولا) يجوز أن (يخصَّص مفهوم الموافقة) وذلك بأن يخرج الحكم المأخوذ من المفهوم عن العموم (مع منافاة معنى أصله) يعني فالأصل هو تحريم التأفيف حرم لمعنى مناسب وهو الإكرام وعدم تضييع الإحسان، وجواز الضرب ينافي هذا المعنى وذلك (كضرب الأب) إذا أخرج من العموم من الآية الكريمة؛ لأنها تقتضي بظاهرها تحريم التأفيف وبفحواها نفي الضرب وغيره من أنواع الأداء، فلو خص الضرب مع إيمانهما وحظر التأفيف كان قد أبيح ما شارك المحظور في علة الحظر وزاد عليه، وهذا إن كان (بلا سبب) منه مبيح للضرب (فأمَّا مع عدم منافاة معنى الأصل فيجوز) تخصيص المفهوم مع بقاء الأصل (كحبسه) أي الوالد (لنفقة ولده عند مجوزه) أي حبس الوالد لنفقة الولد، (مع بقاء تحريم التأفيف) لعدم المنافاة بين الحبس ومعنى التأفيف الإجلال والإعظام وذلك ظاهر.
  (ويجوز تخصيص مفهوم المخالفة) لأنه لو لم يجز لم يقع، وقد وقع ذلك (كإيجاب الزكاة في معلوفة التجارة) من الإبل والبقر والغنم، والدليل الدال على وجوب الزكاة فيها مخصص لعموم مفهوم في السائمة زكاة، أو يفهم منه أن لا زكاة في المعلوفة مطلقاً، فيكون وجوب الزكاة في المعلوفة تخصيصاً لذلك العموم.
فصل: [المخصص المنفصل المعنوي]
  (والثاني) من قسمي المخصص المنفصل: وهو المعنوي (نوعان):
  الأول: (عقلي، وهو التخصيص) للعموم (بضرورة العقل) فإنه يصح.