فصل: [في تعارض العام والخاص]
  قلنا: ليس هذا من محل النزاع لما مر أنه لا نزاع في لفظ الجمع، إنما النزاع في صيغ الجموع، سلمنا فالمراد حصول فضيلتها بهما، ولا يحمل على المحمل اللغوي وهو ما ذكرتم؛ لأنه صلى الله عليه بعث ليعلم الشرائع.
  القائلون فإنه لا يصح للاثنين أصلاً قالوا: لا يصح أن نقول: جاءني رجال اثنان ورجلان عالمون ولو كان حقيقة فيهما لصح.
  قلنا: إنما لم يصح ذلك لمراعاة صورة اللفظ بأن يكون كلاهما جمعاً أو مثنى.
فصل: [في تعارض العام والخاص]
  (وإذا تعارض العام والخاص) بأن يكونا كالمتنافيين فلا يخلوا:
  إمَّا أن يكون في الأخبار أو لا، فإن كان في الإخبار من الشارع والاعتقادات فالعام مخصوص بالخاص، ولا ريث تقدم أو تأخر أوقات، وإن كان (في غير الأخبار) وهي الأوامر والنواهي الواردة عن الشارع، فيكون على وجوه ستة، وقد أشار إليها بقوله:
  [١] (فإمَّا أن يعلم تقارنهما) لكن لا يخفى أن المقارنة بمعنى المعية إنما يتصور في فعل خاص للنبي صلى الله عليه مع قول عام (أو) يعلم (تأخر الخاص) نحو أن يقول: في الغنم زكاة ليس في معلوفة الغنم زكاة، (أو) يعلم (تأخر العام) نحو: أن يقول الشارع: لا تقتلوا أهل الكتاب اقتلوا المشركين، ولكن إن كان المتكلم غير حكيم حمل على النداء؛ لأنه لا يعقل منه غير النداء (أو يجهل ذلك) بأن يروى عن الشارع أنه قال: اقتلوا المشركين وأنه قال: لا تقتلوا أهل الكتاب ولم يعلم أيهم المتقدم أو المتأخر.
  (إن علم تقارنهما خصص العام به) أي بذلك الخاص (عند أئمتنا والجمهور) من العلماء.
  وقال عبد الرحمن (ابن القاص) من الشافعية: لا يجوز تخصيص المتعارضين بالخاص المعارض له بل العام والخاص (يتعارضان فيما يتناوله الخاص) من أفراد العام لا في القدر الذي يتناوله العام منفرداً، فإن حكمه ثابت بلا معارض فيكونان في غير ذلك القدر (كالنصين) المتعارضين (فيجب) حينئذ الرجوع إلى (الترجيح)، وقد ذكروا في الترجيح وجوهاً خمسة:
  أولها: اتفاق الأمة على العمل بأحد الخبرين.
  وثانيها: عمل أكثر الأمَّة على أحدهما وعيبهم على من عمل على الآخر، كعملهم على خبر أبي سعيد في ربا الفضل، وعيبهم على ابن عباس حين نفاه وتعلق بقوله: لا ربا إلا في النسيئة.