فصل: [في مفهوم الموافقة]
  الضرب، وفي الثاني هو التمليك، قيل: ولعل وجه الفرق أن غير الصريح لازم في محل النطق بخلاف المفهوم، فإنه في غير محل النطق، وللناظر نظره.
فصل: [في مفهوم الموافقة]
  (و) اعلم أن الكلام من الكتاب والسنة والإجماع إمَّا أن يدل على المطلوب بمنطوقه أو بمفهومه.
  والأول: الأمر والنهي والعموم والخصوص والمطلق والمقيد والمجمل والمبين والظاهر والمأول، وقد قضى الوطر، عن ذكرها بأسرها.
  وبقي ذكر المفهوم فنقول: (المفهوم ما دل عليه اللفظ لا في محل النطق) بأن يكون حكماً لغير المذكور وحالاً من أحواله، (وينقسم) المفهوم من حيث هو (إلى مفهوم موافقة ومفهوم مخالفة) لأن حكم غير المذكور، إمَّا موافقاً لحكم المذكور نفياً أو إثباتاً أو لا:
  (فالأول) وهو مفهوم الموافقة: (ما وافق حكمه حكم المنطوق في الثبوت) كقوله تعالى: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ ٧ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ٨}، فإن حكم المسكوت وهو ما فوق المثقال موافق لحكم المنطوق في الثبوت، [والمذكور مثقال ذرة والمسكوت عنه ما فوقه، والحكم متحد وهو الجزاء، والرؤية كناية عنه](١).
  (أو النفي) مثل قوله تعالى {فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} فإن حكم المسكوت عنه وهو الضرب يوافق المنطوق به الذي هو التأفيف في حكمه وهو نفي.
  (فإن كان) حكم المسكوت عنه (أولى) بالثبوت له أو النفي عنه من الثبوت أو النفي للمنطوق به وذلك (كتأدية ما دون القنطار) التي تفهم (من) قوله تعالى: {وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ (إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ)} فإن المعلوم أن تأدية ما دون القنطار أشبه أمناً لكون الحكم في المسكوت أشد من المنطوق، (وعدم تأدية ما فوق الدينار من) قوله تعالى: {وَمِنْهُمْ (مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ} و) مثل (تحريم الضرب) للوالدين الذي يفهم (من) قوله تعالى: ({فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ}) فإنه يعلم منه تحريم الضرب؛ لأن المسكوت عنه أكثر تغليظاً من المنطوق به.
(١) ما بين القوسين غير موجود في النسخة الأصلية، وهو ثابت بالتصحيح في هامش (أ).