الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

(فصل): [في معنى النسخ]

صفحة 5 - الجزء 2

الباب التاسع من أبواب الكتاب باب الناسخ والمنسوخ

  قال القاضي فخر الدين: واعلم بأن المقصد بالكلام في الناسخ والمنسوخ جملة التوصل إلى الناسخ من الآيات الشريفة، والآثار النبوية، والمنسوخ منهما، وعرفان ذلك، ليُعمل على الناسخ ويُترك العمل على المنسوخ، ولكن لما كان لا يحسن القول مثلاً بأن هذه الآية ناسخة وهذه منسوخة إلا بعد عرفان ما يجوز نسخه والنسخ به وما لا يجوز وشرائط ذلك تكلم علماء الأصول رحمهم الله تعالى في تأسيس قواعده وشرائطه وماهية ذلك، وما يجوز وما لا يجوز من تلك لكي يتمكن الواقف على الكتاب العزيز والسنة النبوية من الحكم بأن هذا ناسخ وأن هذا منسوخ والعمل بحسب ذلك، وليتحرر من هفوات من لا يَعَضُّ من ذلك على ضرس قاطع فيتقحم القول بذلك على غير أساس، ويقول: هذا ناسخ وهذا منسوخ من غير اعتماد على قرار المقدمة. انتهى.

  وهذا هو حظ الأصولي، وأمَّا تعيين الناسخ من المنسوخ من الآيات والآثار فحظُّ الفقيه، والوجه واضح.

(فصل): [في معنى النسخ]

  في بيان معنى النسخ لغةً وشرعاً، وقد أوضح ذلك بقوله: (النسخ لغة) يطلق على الإزالة، ومنه نسخت الشمس الظل، ونسخت الريح آثار القدم: أي أزالته، وعلى النقل والتحويل، ومنه نسخت الكتاب أي نقلته، والمناسخات لانتقال المال من وارثٍ إلى وارث، ونسخت النحل⁣(⁣١) أي نقلتها من موضع إلى موضع، ومنه الناسخ في الأرواح؛ لأنه نقل من بدن إلى بدن.

  وهل هو حقيقة في الإزالة مجاز في النقل، أو بالعكس، أو مشترك بينهما؟.

  فهو (حقيقة في الإزالة: عند أبي هاشم، وأبي الحسين، والقاضي جعفر، والجويني، والرازي، ومجاز في النقل) وهو المختار.


(١) بالحاء المهملة. تمت من هامش الأصل.