الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

(فصل): [في ثبوت الحكم المبتدأ والناسخ]

صفحة 18 - الجزء 2

  قالوا: ينسد الطريق إلى العلم باستمرار العبادة.

  قلنا: بل يعلم ذلك إذا فقدت القرينة المشعرة بالنسخ على من أوجبَه، ومن لا يوجب الإشعار يقول: يعلم ذلك بالإجماع والاضطرار إليه من علم الشارع #.

  (ولا) يشترط (التقابل) بين الناسخ والمنسوخ، وفسره القاضي عبد الله بن حسن: بنسخ الأمر بالنهي والنهي بالأمر (فيجوز نسخ الأمر بالخبر والنهي) أي كما يجوز نسخ الأمر بالنهي اتفاقاً كذلك يجوز نسخه بالخبر، وذلك كما إذا قال الشارع: افعلوا كذا، ثُمَّ قال: هذا حرام فإن هذا جائزٌ حسن لا مانع منه.

  (ولا) يشترط في صحة النسخ (الجنسيَّة) بأن يكون الناسخ والمنسوخ متحدين جنساً كقرآنين وخبرين، بل يكفي أن يكون الناسخ مما يصح النسخ به (فيجوز نسخ القرآن بالسنة المتواترة، والسنة) الآحادية والمتواترة (به، وسيأتي) إنشاء الله تعالى بيان ذلك.

  (ولا) يشترط (القطع) في الناسخ والمنسوخ (فيجوز نسخ الآحادي بالآحاد) والمتواتر، وأمّا المتواتر فسيأتي الكلام عليه إنشاء الله تعالى.

  (ولا) يشترط في الناسخ والمنسوخ (كونهما منطوقين، فيجوز نسخ المنطوق بالمفهوم) وظاهره العموم، سواء كان مفهوم موافقة أو مخالفة (وسيأتي) بيان ذلك مفصلاً في موضعه إنشاء الله تعالى.

(فصل): [في ثبوت الحكم المبتدأ والناسخ]

  (ولا يثبت الحكم مبتدأ أو ناسخاً على المكلفين قبل أن يبلغه جبريل إلى النبي ÷) ولا ينبغي أن يخالف فيه إلا من يجيز التكليف بما لا يعلم، والوجه فيه ظاهر، فلا نقول مثلاً: أنه إذا بلغهم ذلك كشف لنا أنهم قد أخلُّوا به؛ لأن ذلك تكليف بما لا يعلم وهو محال في حقه تعالى.

  (وكذلك) لا يثبت الحكم مبتدأ أو ناسخاً على المكلفين (بعد تبليغه) أي جبريل ذلك الحكم (إلى النبي ÷ وقبل تبليغ النبي صلى الله عليه) ذلك الحكم إلى (المكلفين عند أئمتنا والجمهور) من العلماء.

  (خلافاً لبعض الشافعية) كأبي حامد واختاره في التبصرة (في) الحكم (الناسخ) فقالوا: يثبت حكم الناسخ في الزمن المتخلل بين التبليغين.

  لنا: لو ثبت حكم لأدى إلى وجوب وتحريم في محل واحد، وإنه محال، بيانه: أن حكمه تحريم العمل بالأول، فيكون حراماً وأنه واجب؛ إذ لو ترك العمل به وهو غير معتقد نسخه لأثم قطعاً.