الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

(فصل): [نسخ الإنشاء والخبر]

صفحة 24 - الجزء 2

  الصيد في الحرم، وكذلك دم تحرك الساكن وغير ذلك من الهدايا التي تجب عند الحج، (ومندوباً كالأضحية) أي كدم الأضحية في غير مكة بعد تعيينها فإنها واجبة؛ لأنهم نصوا أنَّ النوافل هناك واجبة، وهذا على المختار من أنها سنة، وقد قيل: أنها واجبة مطلقاً، وذلك معروف في مواضعه، (ومباحاً نحو: دم كثير ما يؤكل لحمه) كالإبل والغنم والبقر فيما عدا الحج والعيد والولائم، (ومكروهاً كالأرنب) أي كدم الأرنب؛ لأنه لما أتي إلى النبي ÷ بأرنب فرأى في مؤخرها إذى أمر بإعطائها الأسارى؛ إذ لو كانت حراماً لم يرض بأكلهم الحرام.

  (و) رفع الحكم العقلي بالشرعي في هذه (ليس بنسخ في الأصح) لأن المرفوع حكماً عقلياً، ومن شرط النسخ في الاصطلاح أن يكون المرفوع حكماً شرعياً كما سبق، وهذا نسخ لغوي؛ لأنه قد حصل فيه إزالة الحكم العقلي.

  (وأمَّا ما) قضى فيه العقل بقضية مشروطة و (أمسك الشرع عن مطابقته ومخالفته فعقلي) قطعاً لبقائه على مقتضى العقل، وذكر أبو الحسين وصاحب الجوهرة أنما قرره الشرع يسمى شرعياً، وعند الشيخ الحسن يسمى عقلياً ذكره شارح الجوهرة، والظاهر أن هذا هو الذي أراده المؤلف يقيناً والله أعلم.

  (ويمتنع على هذه القاعدة) المذكورة وهي قسمة العقلي إلى نوعين وبيان كل منهما (القول بتعارض العقل والسمع) كما ذهب إليه أبو الحسين والشيخ ذكره ابن أبي الخير (إلاَّ) أن يتعارضا (ظاهراً) لا في نفس الأمر، وقد قيل أن مرادهم بالتعارض ظاهراً؛ لأن السمع علم بالعقل فهو أصله، ولو بطل العقل بطل العقل والسمع معاً، وأيضاً فإن تعارضا فإمَّا أن يعمل بهما معاً وهو محال؛ لأن فيه مناقضة وإن اطَّرحا معاً فهو محال؛ لأن فيه إلغاء الأدلة وإن عمل على السمع دون العقل فمحال؛ لأن السمع يحتمل التأويل والعقل لا يحتمله فلا يعترض بما يحتمل على ما لا يحتمل وإن عمل على العقل فهو المطلوبُ، ولولا ذلك لوجب أن يقضي بأنه تعالى جسم، وأصل البدع كلها من توهم التعارض بينهما، وهذا هو الذي نص عليه الهادي # وهو فيما قضى فيه العقل بقضية مبتوتة، وأمَّا ما قضى فيه قضية مشروطة فإن طابق الشرع فهو شرعي فيصح المعارضة فيه وإن خالف فالشرع ناقل لحكمه، وإن أمسك فلا تعارض.

(فصل): [نسخ الإنشاء والخبر]

  (ويجوز نسخ الإنشاء) من الأمر والنهي (ولو) كان (مقيداً بتأبيد كما تقدم) تقريره.