فصل: في بيان حقيقة المفرد والمركب وما يتبع ذلك
  المعاني) لقصد التعميم، كما في قوله تعالى {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ}[هود: ٧]، كما قرر في مواضعه، وقد احترز عما لم يقصد به إفهام الغير، وكان مما معناه جلياً لا يحتاج إلى إفهامِه الغير كقولك: السماء فوقنا والأرض تحتَنا، وينبغي أن يزاد في الحدّ: ويكون ذلك الغير ممن يمكنه فهم ذلك، وإنَّما اشترط أن يقصد به المتكلم، ويكون ذلك الغير ممن يمكنه الفهم، لاصطلاح أهل اللغة أن فاعل الكلام عندهم يسمى متكلماً ومكلماً ومخاطباً، والمتكلم فاعِل الكلام، ولا يستلزم التعدي، ومكلم ومخاطب متعديَان، فالمتكلم يعتبر فيه قصد توجه الكلام إلى الغير فقط، والمخاطب يعتبر فيه ذلك، وأن يكون ذلك الغير ممن يمكنه فهم ما وجَّه إليه.
  (و) القسم (الثاني) وهو غير الخطاب: (ما جرى على رسم الدرس) إذ قد عرفت مما سبق حد الخطاب وهو أنه ما قصد به المتكلم إفهام غيره ... الخ الكلام، والدرس بخلاف هذا إذا الدارس إنما يريد حفظ اللفظ فقط(١).
فصل: في بيان حقيقة المفرد والمركب وما يتبع ذلك
  واللفظ (المفرد عند النحاة: ما لا يدل جزؤه على جزء معناه)، بأن لا يكون له جزء كهمزة الإستفهام، أو يكون له جزء لا لمعناه كلفظ الله، أو يكون له جزء ولمعناه جزء، لكن جزء اللفظ لا يدل على معنَى كالزاي من زيد، أو يكون له جزء وله معنى، لكن ليس جزء معنى اللفظ كعبد الله علماً، وبقي خارجاً عن حد المفرد بحسب الظاهر، ما يكون له جزء له معنَى هو جزء معنَى اللفظ، لكن دلالته عليه ليست بمقصودَة، كالحيوان الناطق إذا سمي به إنسان، مع أنه مفرد عند النحاة، فالأحسن أن يقال في تعريفه: ما لا يقصد لجزئه الدلالة على جزءِ المعنى.
  (والمركب بخلافه)، فهو ما يدل بل ما قصد أن يدل جزؤه على جزء معناه، نحو غلام زيد وقام زيد، وقوله عند النحاة إشارة إلى أن مصطلح الأصوليين خلافه؛ لأنَّهم يقولون: المفرد: اللفظ بكلمةٍ واحدةٍ، فيخرج مثل: عبد الله وبعلبك علمين، ويدخل فيه نحو يضرب.
  قال ابن الحاجب: وعلى حد النحاة بالعكس.
(١) وذلك كتالي القرآن عادة، فإنه إنما يقصد به حفظ لفظه أو التبرك أو نحو ذلك، تمت من حاشية الأصل.